فوق كل اعتبار

مقال الثلاثاء 23-1-2018
النص الأصلي
فوق كل اعتبار
ولأن كلامه مصدق ، ولا “يزلّ” أبدا، كما أنه مخلص في كل ما يقول ويفي بكل ما يعد ،ويلتزم بكل ما يتعهّد ، ولأنه صاحب رؤية ثاقبة ونظرة شمولية ، فما أن سمعت دولة الرئيس يقول : “كرامة المواطن فوق كل اعتبار” حتى خلعت بيجامتي و”بابوجي” ولبست ملابسي الرسمية ونزلت أبحث عنها في كل مكان..لقد سمعته يقول أن “كرامة المواطن فوق كل اعتبار”..لذا ذهبت أولاً إلى الكازيات وشاهدت المواطن وهو يملأ “قناني الكولا”الفارغة بالكاز ليتدفأ تلك الليلة ،وشاهدت طفلاً يعطي عامل المحطة ديناراً يريد بها ما يملأ مدفأة العائلة في الليلة الباردة ، قلت في نفسي كلمة “فوق” يعني شيء مرتفع و”فوق كل اعتبار” لا تعيش بين المنحنين على وقودهم شتاء ،لا بد ان كرامة المواطن في مكان آخر،
رأيت رجلاً مسنّاً يحاول استصلاح ما يمكن استصلاحه من بقايا صناديق الخضرة بربع الثمن وربما بأقل بقليل ، استدرت حوله لأرى كرامة المواطن فلم أجدها..
لكن تصريح الرئيس لا يقبل المواربة ولا التأويل هو قال “كرامة المواطن فوق كل اعتبار” لا بدّ ان الذين أراهم لا يمثّلون المواطن الذي ببال ووجدان دولة الرئيس..
عندما أوقفت سيارتي في إحدى الحواري قال لي رجل وقور ” يا خوي يشهد الله اني لا أعرفك ولا تعرفني لكنّي اتوسّم فيك الخير..بنتي عندها امتحان توجيهي هسع اقسم بالله ما معي أجار مواصلاتها”…نظرت الى هندامه وشماغه وعقاله فوجدته ممتلئاً بأردنيته لكني دققت بـ “كرامة المواطن التي فوق كل اعتبار فلم أر غرزة واحدة قد تركها الرئيس في كاف الكرامة” أعطيته ما كان بجيبي ومضيت ..
عند صاحب محل المجمّدات أقسم لي الرجل ان طفلاً حضر اليه يريد لحماً بــ” 65″ قرشاً فوزّن له “اللي فيه النصيب” نظرت الى رفوف المحل فبدت شبه خاوية فعرفت ان كرامة المواطن فوق كل اعتبار..
السيارات صارت تتوقف بمنتصف الطريق لنفاد البنزين ، الأردني الذي كرامته فوق كل اعتبار صار يملأ بنزين بدينارين وثلاثة على “قدر المشوار”..
الخلاصة تلك الليلة لم انم ، مررت بجميع المحلات المكتوبة للبيع ،مررت بمحال الملابس الخالية من الزبائن ،بالأسواق الاستهلاكية الكبيرة التي فيها عدد موظفين أكثر من المشترين ،مررت بالصرافات الآلية الممحلة ،بباعة البسطات الذين يقرؤون الوجوه بعيونهم ، بصالات الأفراح المطفأة ،بمواقف الباصات والعائدين من يومهم الطويل فلم أجد “كرامة المواطن” ولم “أجد الاعتبار” الذي نأى بنفسه بمرتفع لا نراه..أخيراً التفتُّ الى حاوية يقف عليها “ختيار” يدلّي نصفه يبحث عمّا تركه الميسورين نسبياً…هناك فقط وجدت “كرامة المواطن وقد لفّت بجريدة كتب عنوانها بالخط العريض ..الرئيس:كرامة المواطن فوق كل اعتبار”..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. والله ان من يقول غير ما قاله الزعبي هو الذي لا يخاف الله فلقد كتب الزعبي جزءا يسيرا مما يبغي قوله كل مواطن اردني اثقلته هموم الحياة ومتطلبات المعيشه

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى