“فندق …. فاهم غلط” / د . محمد شواقفة

“فندق …. فاهم غلط”

عندما وصل لم يخطر بباله أن إقامته قد تطول ….لم يحضر معه كثيرا من الأغراض فهو يدرك ان الاقامة في الفندق طالت ام قصرت لن تكون مريحة …. او هكذا اعتقد لانه لم يعرف من قبل ان هذا الفندق فيه من الرفاهية و الراحة ما قد يجعله يغير رأيه. …. لم يجد مشكلة في التأقلم سريعا في الغرفة التي كانت تحوي سريرا واحدا …كان أكثر مما توقع هو و زوجته و طفليه …. مع انه كان يستخدم الكنبة اليتيمة كسرير اضافي …. كان الحمام بسيطا و لكنه كان كافيا و فيه “شاور” و هذا ما لم يكن في حساباته من قبل …. كان التلفزيون موصولا بالستالايت و كان فيه حوالي ثلاثين محطة اكثر بكثير مما كان عنده في بيته …. و قد امضى يومه كاملا يستطيع معرفة المحطات و خصوصا تلك الخاصة بالاطفال ….لفت انتباهه ان كل وسائل الراحة تقريبا موجودة بالغرفة …. فهناك يتدلى سلك المكواة و في الحمام مجفف الشعر الذي حذر زوجته من استخدامه و يديها مبلولتان….و في وسط الغرفة ثلاجة صغيرة خالية ….
كان المنبه يوقظه من نومه كل صباح مذكرا اياه بموعد الافطار في بهو الفندق …. مع انه كان محددا بزمن معين بين السابعة و العاشرة …صباحا …الا انه كان يتمنى ان تكون المدة اطول من ذلك فلا يضطر للاستيقاظ باكرا كل يوم …. كان يمضي نهاره يحتسي القهوة باشكالها المختلفة على اطراف البركة و اطفاله يسبحون و يلعبون …فيما كانت زوجته تمضي معظم وقتها في غرفة الرياضة “الجيم”… و تأتي بعدها لتمضية قليلا من الوقت معه في الجاكوزي الذي اعتادت عليه منذ يومين فقط.
راحت تمر الايام رتيبة و بدأ الروتين يتسرب الى قلبه و روحه …. فهو لا يستطيع التدخين الا في اماكن مخصصة للمدخنين … فلا بد من تغيير الغرفة الى غرفة يسمح فيها بالتدخين …مع انه لم يكن مدخنا من قبل …. و يبدو ان الوقت قد حان لطلب غرفة فيها اكثر من سرير …بل لا بد من غرفتين …لان الاطفال ينامون باكرا ناهيك عن الاختلاف بينهم و بينه عندما يريد ان يشاهد المباريات …. فلا بد من غرفة اضافية لحل مشكلة التلفاز …. و لا بد ان تكون الغرفة فيها “جاكوزي” لان المدام اعتادت على الرياضة اليومية و تحتاج لوقت اطول لتمضيه في الجاكوزي الذي يساهم كثيرا في تخفيف التوتر و الحالة النفسية الناتجة عن التنقل و الارتحال ….و لا بد ان تكون الغرفة مشرفة على منظر مريح بدلا من الساحة الخلفية للفندق … و حبذا لو تكون قريبة من المسبح ….كل ذلك تحقق بكرم الراعي الرسمي و الممول الكريم ….و قد تم اضافة خدمة ايصال الطعام الى الغرفة فلا يتكبد الضيف و زوجته و اطفاله عناء النزول كل يوم للبهو لتناول الطعام … و بالطبع لم يكن منطقيا ان تكون الثلاجة خالية في اي وقت خلال النهار …. و تم تعيين احد عاملات النظافة للعناية بشكل خاص في كل شؤون الضيوف ….
مر شهر …شهران …. عدة شهور …. ضاق مدير الفندق ذرعا و خصوصا ان كل الموظفين بدأوا يتهامسون و صار هناك جوا من الهمز و اللمز …. ولم تسر الامور كما يرام مع مالك الفندق الذي اصر على عدم المس بالضيوف و كونه المالك و بيده الامر …رضخ الجميع على مضض …. و عندما عرف الضيف موقف مدير الفندق و مساعديه …فقد سمعه من بعض الموظفين الذين كانوا يعانون من شدة و حزم المدير ….و كونه اصبح يعرف كل الخفايا و الخبايا في الفندق فقد قرر ان يتحدث للمالك مباشرة ….
اصبح الضيف مديرا و استلمت زوجته مسؤولية تطوير الفندق و خدماته …. و بدأ بضخ دماء ضيوف جدد في كادر الفندق و تغيير اسمه ليتناسب مع المرحلة الجديدة …. لم يجد المالك أحسن و أفضل من الضيف المعزب لادارة المرحلة الجديدة …. و طبعا و من باب المنطق و حفاظا على الاستقرار …. رضي بتغييراته لغالبية الطاقم دون مناقشة …. و قد اقترح على المالك ان يكون شريكا في الفندق اضافة لراتبه و امتيازاته التي لم يتم الاتفاق عليها مسبقا …. فكان لا بد من توثيق الاتفاقية و عرضها على المحامي …. الذي أشار عليهما بأن يتم عرض الاسهم للاكتتاب العام مع ضمان حق الضيف في عدم تحمل أي خسارة …و يقوم الطرف الاول بتعويضه بما لا يقل القيمة الفعلية للفندق ….
الفندق لا يزال قائما …. للحجز و الاستفسار ….المراجعة شخصية ….فقط!

“دبوس على كثر التهللي”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى