#فائض #كلام !! / احمد المثاني‏

.. نحن أمة أتقنت فن الكلام .. و جعلناه صناعة .. لها أدواتها .. و فرسانها ..
لسان ذلق ، طويل ، و ضجيج .. و مخزون من البلاغة ، سجعها و مجازها ، و استعاراتها
و وفرة من مترادفاتها .. الرصين منها ..
و الأجوف .
كل ذلك ، جعل من التحشيد اللفظي مادة
لصناعة بطولات وهمية .. و خطباء ركبوا
موجة المهرجانات .. و اعتلوا المنابر كي
يشبعونا كلاما و هتافا .. و ليوهمونا أن
على الأرض انجاز معجزا .. أو عملا خارقا !
.. حتى إذا سلطت نور الحقيقة و مخبار
العمل الصحيح .. ستجد وهماً و سراباً ..

في منهجنا الفكري ، استقر في أذهاننا
أن صناعة التاريخ و بناء الحضارات لا
يحتاج أكثر من قصائد مطوّلة .. و خطباً
مدبّجة .. تمدح و تتغنى .. و شعارات
تتعالى على الناس و الأمم .. و اجترار
لماض .. كان .. و كنّا ..
نحن أمة استمرأت فن الكلام ، و غاب
عنها العمل .. و قيم العمل .. فركنّا إلى
الدعة و الكسل .. و كثر فينا المحدّثون
و المنظرون .. و الوعّاظ و هواة السياسة
و قادة الجاهات و أبطال المنصّات و المهرجانات ..

انظر ما أنجزته أمم من غير أمثالنا ..
انظر للصين و اليابان و الدول التي
تحضرت .. كم يقدّسون العمل و كم
أسهموا في خدمة الحضارة الانسانية
انتاجا و تصنيعا .. لقد بَعُدَت بيننا وبينهم الشقّة .. ! هم ينتجون و يطعمون العالم
و نحن نعيد انتاج ” المعلّقات” و نتسلّلى
بانتاج جديد لسيرة ” الزير سالم ”
هم يكسون عرينا .. و ينتجون قمحنا و خبزنا .. و حليبنا ..
و نحن مازلنا نفخر و ننشد :
إذا بلغ الفطام لنا رضيع !!
تخر له الجبابر .. ساجدينا !!

– أحمد المثاني –

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى