غولن .. لا تسلموني

سواليف
قال بيان امس الثلاثاء 19 يوليو/تموز 2016، إن رجل الدين التركي فتح الله غولن الذي يعيش في منفى اختياري بالولايات المتحدة دعا واشنطن إلى رفض أي طلب من تركيا لتسليمه.
وأضاف غولن في البيان الصادر عن تحالف القيم المشتركة وهي حركة ذات صلة به “أدعو الحكومة الأميركية لرفض أي محاولة لإساءة استغلال عملية التسليم من أجل تحقيق ثأرٍ سياسي.”

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما تحدّث مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء 19 يوليو/تموز 2016، وعرض المساعدة في التحقيق الذي تجريه أنقرة في محاولة الانقلاب الفاشلة، بينما قال المتحدث باسم البيت الأبيض إن واشنطن بدأت بمراجعة المعلومات حول فتح الله غولن المتهم بالوقوف وراء الانقلاب.

وحثّ أوباما الحكومة التركية على التحلّي بضبط النفس خلال ملاحقتها للمسؤولين عن المحاولة الانقلابية. وقال المتحدّث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست إن الزعيمين بحثا وضع رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بتدبير الانقلاب وتقول تركيا أنها ستطلب تسليمه إليها.

إيرنست أضاف أن الحكومة التركية قدّمت معلومات عن غولن للحكومة الأميركية وأن المسؤولين الأميركيين يراجعونها، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إنه أي طلب تسليم من تركيا سيتم تقييمه فور تقديمه بموجب المعاهدة المبرمة بين البلدين

من هو فتح الله غولن المطلوب الأول في تركيا؟

قفز اسم فتح الله غولن إلى صدارة الأحداث بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، حيث اعتبرته الحكومة التركية المشتبه الأول في الانقلاب مطالبة النيابة العامة بإسطنبول بإصدار مذكرة اعتقال بحقه.

وتتهم الحكومة التركية جماعة فتح الله غولن باستغلال مناصب للتنصت غير المشروع على المواطنين وفبركة تسجيلات صوتية كما أنها وقفت وراء حملة الاعتقلات الأخيرة التي في 17 كانون الأول/ديسمبر 2013، بحجة مكافحة الفساد.

من هو فتح الله غولن؟

ولد فتح الله غولن بقرية في شرق تركيا يوم 27 أبريل/نيسان 1941، تلقى تعليمه في مدارس دينية تسمى”الأوقاف التركية” منذ صباه، وصبّ اهتمامه طيلة فترة تعليمه على العلوم الفلسفية مطلعاً على الثقافة الغربية وأفكارها إلى جانب الفلسفة الشرقية.

وعين غولن إماماً لجامع في إدرنة “شمال غرب تركيا” وفي أثناء ذلكَ تعرّف على رسائل النور للنورسي وهو أبرز علماء الإصلاح الديني في عصره متأثراً بكتباته وسيرته الشخصية مفضلاً اتباع نهجه وطريقته في العزوف عن الزواج والتفرغ للدعوة!

بدأ العمل الدعوي في مدينة إزمير العلمانية، ونشرّ أول كتاب لهُ، توالت بعدها الكتب لتصل إلى 70 كتاباً ترجمت إلى 39 لغة في مقدمتها العربية والإنجليزية والفارسية والفرنسية، وكلها تدور حول التصوف ومفهومه حول الدين والتدين ولم ينشر أي كتاب يتناول السياسة التركية.!

يعيش غولن الآن في ولاية بنسلفانيا الأميركية ويقال أن لهُ شبكة كبيرة وخفية من المدارس والمراكز البحثية والشركات ووسائل الإعلام ويعتبر ثاني أغنى رجل في تركيا، إذ يمتلك في أميركا فقط ما يقرب 100 مدرسة مستقلة.!

ما هي حركة فتح الله غولن

تشكلت الحركة في مدينة إزمير سنة 1970، باعتبارها حركة صوفية دعوية، لينتهي بها المطاف بوصفها شركة ضخمة عابرة للقارات إلى حركة اجتماعية-اقتصادية، تُعيد توفيق أوضاعها الاقتصادية وتصوّراتها وأهدافها وأولوياتها بما لا يتصادم مع الدولة، سواء في تُركيا أو في الدول الأجنبية المضيفة لنشاطاتها.

أي صارت الحركة في الداخل التركي تجسيداً للتغيُّرات التي واكبت إعادة تشكُّل الاقتصاد التُركي، ومعه الخطاب والممارسة الدينية، أي صارت فاعلاً اقتصادياً متديناً يركّز على مسلمي تركيا.!

هل الحركة لها نفوذ داخل الحكومة التركية.؟!

ويعتبر مريدو الحركة الأكتر انتشاراً داخل الدولة التركية، خاصةً في سلك الشرطة والقضاء ضرورة التوغل في مناصب الدولة بهدف إعادة تشكيل المجتمع التركي على نفس هيئة الحركة المحافظة دينياً.

كيف بدأت العداوة؟

لم يكن يوماً أردوغان الذراع السياسي لجماعة فتح الله غولن لكن ومع تأسيس حزب العدالة والتنمية كان معلوماً لدى الأتراك أن جماعة غولن داعمة للحزب بأصواتها في الانتخابات وفي تسويقها له في كل أنحاء العالم حتى بدأ الخلاف العلني على إثر اعتداء القوات الإسرائيلية على سفينة مافي مرمرة، إذ صرّح غولن حينها لصحيفة وول ستريت جنرال الأميركية بأن الجانب التركي هو المخطئ إذ السفينة لم تحصل على تصريح لدخول أراضي غزة وبذلك فهي تتعدّى على الشرعية!

وأثارت احتجاجات تقسيم بوسط إسطنبول في مايو/آذار 2013، غضب أردوغان واصفاً إياها بالمؤامرة الدولية لإدخال تركيا في حالة فوضى، فيما هاجمت وسائل إعلام تابعة لغولن أردوغان ونددت بطريقة تعامل حكومته مع الأحداث.

ما أجّج الصراع والعداء هو قرار أردوغان الأخير بغلق ما يسمّى بالمدارس التحضيرية الخاصة والتي تعتمد عليها الجماعة في تعليمها الثانوي عوضاً عن المعاهد الحكومية، إذ من خلالها لا يتم إجبار الطالب على دراسة المنهج الدراسي الحكومي كاملاً وتوفير قاعات للمذاكرة!
غولن علّق على القرار قائلاً: “إنهم يريدون غلق كل شيء، حتى أبواب الجنة يريدون غلقها.. على الأقل اتركونا نحن ندخل”، مشبهاً أردوغان بمن قاموا بالانقلابات في سنة 1980 و1997، في حين ردَّ أردوغان قائلاً: “يريدوننا أن نتراجع عن هذا القرار.. فليعلموا أننا لن نتراجع!”

هافنغتون بوست

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى