غابات عمان / سهير جرادات

غابات عمان

سهير جرادات

يصاب القلب بغصة تزيد اوجاعنا عند النظر الى معشوقتنا الدائمة عمان ، التي فقدت عراقتها وبساطتها ورهافة حسها ، بعد أن تحولت الى غابات من الاسمنت .

عمان يا محبوبة الشعراء، عمان أيتها الجميلة، التي كنت تختالين بجمالك وثقافتك ، وتتباهين بمساحاتك الخضراء الواسعة التي كانت تحيط بك من كل جانب ، قبل أن يتعدوا على تربتك الحمراء بالإسمنت والحجر والحديد ، ويغتالوا شجرك الباسق الذي يناجي أعالي السماء، وأتلفوا ثماره اليانعة، ويلوثوا نسيم هوائك العليل؟

مقالات ذات صلة

آه يا عمان، يا عروس الشرق، لقد سلبوا عراقتك ودمروا تراثك النابض بالابداع والفن والعراقة قربانا لاسمنتهم وحديدهم الفاقد للروح والحياة..

ورغم فن العمارة والتطور العمراني، والبنايات العالية، والابراج الشاهقة التي تنتشر هنا وهناك معانقة السحاب، إلا أنها تفتقد لجمال عمان واصالتها، فلم تعد تلك التي تحمل طرازا معماريا عمانيا نادرا متميزا، بجمال حجرها الذي يحمل اسماء مدننا ومناطقنا العزيزة على قلوبنا، فهناك الحجر المعاني والجرشي والعجلوني بنقوشها المتعددة: المسمسم، والمفجر، و الطبزة ، بالاضافة الى المكحلة برمل صويلح الجميل.

وغابت عنك أيتها الجميلة” معرشات ” الكرتون ، التي كانت تظلل العامل وتحميه من أشعة الشمس والمطر، وهو يعمل وينقش الحجر ، بعد أن تحولنا تجاريا إلى استخدام الحجارة الرقيقة الباردة التي لا توحي بدفء أهل عمان وصلابتهم .

عمان اليوم تتبدل مع شكلها عاداتها وتقاليدها، فلم تعد تنام باكرا، ولم تعد تنشر أسماء الصيدليات والمخابز المناوبة، وغابت عن شوارعها أكشاك هواتف الشوارع، وماكينات استئجار مواقف اصطفاف السيارات في الشوارع مقابل قطع نقدية .

تبدلت أحوالها، فلم نعد نعرف من يسكنها، والى جانب أهلها هناك ملل وجنسيات عديدة وكثيرة ،جاءتنا بفعل الهجرات والحروب والهاربين من الموت والخوف ، وأصحاب القلوب الجريحة ، والمشاعر المتضاربة والأفكار المشتتة ، والقرارات المنتظرة، إما بالعودة أو بطلب اللجوء والهجرة ، حتى أثر على ابنائها ، الذين تحولت أحلامهم نحو الحصول على عقد عمل في الخارج ، أو البحث عن حضن جديد ، وجنسية أخرى وجواز سفر يحملهم إلى بلاد جديدة لن يستفقدوا فيها لعادات عمان التي تبدلت ، ومناخها الذي تغير، وأحوالها التي انقلبت رأسا على عقب ، ولن يبحثوا عن لهجتهم التي تبددت وتكاد أن تندثر.

أين أنت يا عمان من كل هذا ؟ أين حضنك الدافئ الذي لم يعد يتسع لأبنائه ؟

عمان أيتها الجميلة، أين أنت الآن ؟ لماذا كل هذا الجفاء لأهلك ومحبيك؟ كيف لنا أن ننقذك من حصار الاسمنت وتغير العادات قبل أن تفقدي روحك ، ويتوقف قلبك عن النبض.

من يعيد لعمان ملامحها التي تغيرت، بعد أن تلاشت سيولها، وطلوا أدراجها بالألوان الباهتة ؟! ، ومن يعيد النقاء لهوائها، والهدوء لشوارعها المزدحمة بالأزمات.

ستبقين يا عمان عاصمة الحب والسلام ، وسنبقى نردد كلمات أجمل قصائد الشاعر حيدر محمود :

عمان اختالي بجمالك ..

وبارك يا مجد منازلها والأحبابا..

وازرع بالورد مداخلها بابا بابا .. .

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عمان والاردن والسياحة
    كثروا من الحمامات العامة بعمان والمناطق السياحية
    والمحافظات
    سمعنا من السواح انهم بقضوها ماسكين حالهم وما بكونو رايقين للتمتع بالاجواء لقلة الخدمات

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى