ع َ الصفر / يوسف غيشان

ع َ الصفر
رجل وقور ومحترم لا علاقة له بالسياسة ، في زحمة الشارع داس على قدم ابن أخت شوفير أحد المسئولين .
فما كان من ابن الأخت إلاّ أن حكى لخاله ، والخال حكى للمسئول ، معتبرا هذه الحادثة موجهة ضد الحكومة وهيبتها بالذات .
تم ّ تحويل الرجل الوقور إلى المخفر، ثم إلى مخفر آخر ثم إلى محكمة … واستقر به المقام جالساً على كرسيّ صغير يعتلية حلاق سجن الجويدة بماكينته الكهربائية العملاقة .
بعد أخذ وعطاء وجاهات وتقديم اعتذارات مزدوجة ، أفرجوا عن الرجل محلوق الرأس على الصفر.
كان الرجل أنيقاً ويرتدي بذلة وربطة عنق .. فاعتقد بعض الناس بأنّ هذه الحلاقة هي آخر صرعات الموضة العاليمة ، فحلقوا مثله ، ولبسوا البذلات وانطلقوا في الشوارع … أهالي الشميساني قلّدوا ..أهالي عبدون وأهالي جبل التاج قلدوا .. أهالي وادي الحدّادة نقلوا الصرعة الحديثة إلى شباب حي ّ معصوم ، ومن حي ّ معصوم انتقلت الموضة إلى السخنة ثم إلى الرمثا و إربد حيث نقلها طلاب الجامعة إلى الكرك ومادبا والطفيلة والعقبة .
وما هي إلاّ أسابيع حتى كانت البلد كاملة محلوقة على الصفر، أمّا الذين لم يحلقوا ، فقد صاروا موضع تندّر الآخرين ، وتم اتهامهم بأنهم دقة قديمة .
وقد تنافس الحلاقون على ابتكار أنواع القصات – مع أنها جميعها ع الصفر- فانتشرت قصة (أبو طبزة) والمسمسم وفرزاتشي .
كما انتشر في الأسواق نوع سشوار خاص لكلّ تسريحة ، وزيت شعر خاص ، وشامبو قشرة خاص ، وصبغات خاصة وأمشاط خاصة أيضاً .
وصل الأمر إلى عالم الفن والفيديو كليب ، فانتشرت أغانٍ مثل :
– يا أابو صلعة جنان
– يا عاقد الصلعتين
– حبيبي من برج الجفر … خنفوس وحالق ع الصفر!!
تطورت الصرعات المتوازية مع قصّة الحلاقة حتى صارت قيمة اجتماعية مثل المنسف والديمقراطية ، والخلوات الاقتصادية والسياسية وخصخصة القطاع العام .
ويقال ، بأنّ حلاق الجويدة مات كمداً وقهراً!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى