عن طريق الصليب الأحمر / يوسف غيشان

عن طريق الصليب الأحمر

انه عام النكسة…… عام الجرح العربي الذي لم يندمل…. انه عام الكارثة، حينما انهزمت الأنظمة العربية عام 1967، وقد خرجت وسائل إعلام تلك الأنظمة أنذاك ، الثورجية منها تحديدا ، تحتفل بالنصر تحت شعار : أنّ هدف إسرائيل كان إسقاط الأنظمة الثورية ، وليس احتلال الأرض ، و أن العدو فشل في إسقاط تلك الأنظمة (التقدميّة) ، وحصل الصهيوني (الغاشم) فقط على الأرض .. على مجرد دونمات ، وهي لم تكن هدفه أصلاً .. وطالبتنا وسائل إعلام تلك الأنظمة آنذاك بالاحتفال بالنصر العربيّ المبين ، لأنّ الأنظمة الثورية خرجت من الحرب على ما يرام .
وحده عبد الناصر غيّر أسلوب اللعبة ، وقدم استقالته ، ثم أعاده الشعب في تظاهرة كبرى ، ( و ربّما يكون الأمر مفبركاً )، ومع ذلك لم يستطع النظام المصري آنذاك الخروج من (عمقه العربي) ، فابتدع المبرراتيّون فكرة (توقعناهم من الشرق فجاؤونا من الغرب)، والعكس صحيح ، ما دام الأمر مجرد تبريرات وحيل نفسية وضحك على الذقون .. ذقوننا طبعا ً !!
و لمّا لم تنفذ وعود بالتحرير في عهد السادات ، تم تبرير الأمر بالضباب ، و حر ّ الصيف و برد الشتاء ، لكأنّ حروب التحرير تتم على طريقة إلياس ( ابن خالتي روجينا ) ، الذي كان يشغل أهل البيت كله في توفير مكان مناسب للقراءة خلال تقديم امتحانات التوجيهي ، حيث يفردون له حجرة وفراش و إبريق شاي ومساند ، فيجلس ويرتاح .. وينام فورا ً .
و ما يزال أستاذ التاريخ العربي يكرّر للتلاميذ بأنّ غرناطة أرض عربية محتلة ، وأنّ الأندلس ضاعت منا ، و أنّ ضياع فلسطين هو مجرد تذكير لنا بجرح الأندلس ، و أنّ مسجد قرطبة تابع لوزارة الأوقاف في دولة الموحدين .
ربما علينا نحن المواطنين العرب في كل مكان أن نقيم دعاوى عطل وضرر ضدّ الحكومات العربية التي أدخلت فلسفة التبرير وتصديق التبرير في نسيجنا النفسي ، وصرنا نقبل تبريراتهم ، لا بل صرنا نبرّر أخطائنا بطريقتهم .. إنه تسميم نفسي يمتدّ على قارتين و 300 مليون دماغ و نيّف .
و ربّما علينا أن نكتب تحت بند الحكومات العربية تحذيراً يقول لمن يتعاطاها : ( احذر .. الحكومات العربية، فهي سبب رئيس لأمراض القلب والرئة وتصلب الشرايين والسرطانات بأنواعها ) ، مع صورة معلاق بشري تالف وضمير مثقوب .
ببساطة إذا بقينا على (هالرشّة) .. فأنا واثق بأننا نحن العربان ..سوف نتواصل مع بعضنا بعد أقل من عقد واحد عن طريق الصليب الأحمر !!
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى