عن طريق الصليب الأحمر
انه عام النكسة…… عام الجرح العربي الذي لم يندمل…. انه عام الكارثة، حينما انهزمت الأنظمة العربية عام 1967، وقد خرجت وسائل إعلام تلك الأنظمة أنذاك ، الثورجية منها تحديدا ، تحتفل بالنصر تحت شعار : أنّ هدف إسرائيل كان إسقاط الأنظمة الثورية ، وليس احتلال الأرض ، و أن العدو فشل في إسقاط تلك الأنظمة (التقدميّة) ، وحصل الصهيوني (الغاشم) فقط على الأرض .. على مجرد دونمات ، وهي لم تكن هدفه أصلاً .. وطالبتنا وسائل إعلام تلك الأنظمة آنذاك بالاحتفال بالنصر العربيّ المبين ، لأنّ الأنظمة الثورية خرجت من الحرب على ما يرام .
وحده عبد الناصر غيّر أسلوب اللعبة ، وقدم استقالته ، ثم أعاده الشعب في تظاهرة كبرى ، ( و ربّما يكون الأمر مفبركاً )، ومع ذلك لم يستطع النظام المصري آنذاك الخروج من (عمقه العربي) ، فابتدع المبرراتيّون فكرة (توقعناهم من الشرق فجاؤونا من الغرب)، والعكس صحيح ، ما دام الأمر مجرد تبريرات وحيل نفسية وضحك على الذقون .. ذقوننا طبعا ً !!
و لمّا لم تنفذ وعود بالتحرير في عهد السادات ، تم تبرير الأمر بالضباب ، و حر ّ الصيف و برد الشتاء ، لكأنّ حروب التحرير تتم على طريقة إلياس ( ابن خالتي روجينا ) ، الذي كان يشغل أهل البيت كله في توفير مكان مناسب للقراءة خلال تقديم امتحانات التوجيهي ، حيث يفردون له حجرة وفراش و إبريق شاي ومساند ، فيجلس ويرتاح .. وينام فورا ً .
و ما يزال أستاذ التاريخ العربي يكرّر للتلاميذ بأنّ غرناطة أرض عربية محتلة ، وأنّ الأندلس ضاعت منا ، و أنّ ضياع فلسطين هو مجرد تذكير لنا بجرح الأندلس ، و أنّ مسجد قرطبة تابع لوزارة الأوقاف في دولة الموحدين .
ربما علينا نحن المواطنين العرب في كل مكان أن نقيم دعاوى عطل وضرر ضدّ الحكومات العربية التي أدخلت فلسفة التبرير وتصديق التبرير في نسيجنا النفسي ، وصرنا نقبل تبريراتهم ، لا بل صرنا نبرّر أخطائنا بطريقتهم .. إنه تسميم نفسي يمتدّ على قارتين و 300 مليون دماغ و نيّف .
و ربّما علينا أن نكتب تحت بند الحكومات العربية تحذيراً يقول لمن يتعاطاها : ( احذر .. الحكومات العربية، فهي سبب رئيس لأمراض القلب والرئة وتصلب الشرايين والسرطانات بأنواعها ) ، مع صورة معلاق بشري تالف وضمير مثقوب .
ببساطة إذا بقينا على (هالرشّة) .. فأنا واثق بأننا نحن العربان ..سوف نتواصل مع بعضنا بعد أقل من عقد واحد عن طريق الصليب الأحمر !!
ghishan@gmail.com