عندما تكون بلانهاية! / مادلين أحمد

عندما تكون بلانهاية!

هل سبق وأن وصلت لتلك المرحلة التي تُفكر بها بجمع النقيضين في مكان واحد؟ كأن تجمع الحرارة والبرودة في جسم واحد، وتتساءل أين ذهبت حرارة يدك حين احتضنت قطعة الثلج؟ أو أين ذهبت برودة يدك حين قبضت على تلك الجمرة الصغيرة؟ ماذا عن النور؟ أين ذهب الظلام حين أضأت مصباح غرفتك واحتلها النور؟
ماذا عن صورك التي قمت بمسحها من ذاكرة هاتفك؟ أين ذهَبَت بعد حذفها؟ ماذا عن الوقت الذي مضى، أين ذهب؟ هل فكرت يوماً بمعنى العدم؟ هل اختفى العمر الذي مضى؟ هل الفناء موجود فعلاً؟ وهل الموت يعني العدم من الحياة أم الخلود في الفناء .. أين تذهب الموجودات حين تنتقل للاوجود؟

كلما كنا أكثر بساطة في استفساراتنا كلما تشتت الأجوبة، بين المادة والفلسفة والعلم والدين وكل الأبعاد التي تمتلك إجابات منطقية، ولكن ماذا عن البعد الأهم، أنت!
إن الذي يجعلني أنكر فكرة العدم ومفهوم الفناء هو الذاكرة، فأدق تفاصيل الزمان والمكان تُعيدنا للجلوس في الماضي، مع من نحب والاستماع لتلك الأحاديث التي كانت تدور في الذي -على اعتبار- أصبح فناءً. القدرة على تذكر الميت أو اللاموجود هي أكبر الأدلة على أن العدم والفناء فكرة هلامية هشة قابلة للإنكار!
أن ينتهي الشيء -حقاً- يعني الضرورة لانتهائه واختفائه من كل المخازن، بماا في ذلك مخازن الوقت والمكان والذاكرة!

إن لحن أغنية كفيل بنقلي كلياً من 2017 إلى 2002! قطعة من المعجنات كفيلة بإحياء أمي بكل ما للحياة من معنى! لا أعتقد بأن كل الأشياء قابلة للنهاية أو الاختفاء، فالماء يسيل ويمكن أن يتجمد أو أن يطير بخاراً ولكنه ماء. كما أن الظلام علمياً هو الدرجة صفر من النور، أي أن النور لم يذهب وأن الظلام لم يختفي حين زاره الضياء!

مقالات ذات صلة

يقول رينيه ديكارت: ” الله يُشبه العقل من حيث أن الله والعقل يُفكران ولكن ليس لهما وجود مادي أو حسي، إلا أن الله يختلف عن العقل بأنه غير محدود ولا يعتمد وجوده على خالقٍ آخر “، وبغض النظر عن منهجية ديكارت وأبعاد فكره ومنظوره إلا أنه آمن بوجود الخالق الأعظم واعترف بأن ليس له وجود مادي أو حسي، ولكنه موجود!
وهكذا أعتقد حين أفكر بالعدم، فكرة أن يمضي الزمان أو يموت الأحياء لا يمكن اعتباره اختفاء أو انتهاء. بل رُبما مجرد اختباء في أبعاد لا يُمكن رؤيتها بالعين البشرية، فكيف للمُختفي أن يُكشف بلحن أغنية!

اظهر المزيد

‫2 تعليقات

  1. حبيبتي مادلين …
    مقالتك هذه المرة اجد نفسي عاجزة عن وصفها ….
    كيف استطعت ان تطوعي حروف كلماتك بهذه الدقة المتناهية في وصف تفاصيل ليس لها وجود و تجعليني اراها و احسها و اسمعها بل و اتدبر فيها و افكر في دقائقها … اعجب لقدرتك الفائقة و التي تفوق عمرك بكثير في تسخير مفردات اللغة في الوصف الذي يفاجأني كل مرة اقرأ فيها مقالة لك ….
    افخر بك ابنتي و افخر بقلمك الحيّ و اعلم ان والديك حتى و ان كانا في عالم الخلود ليفخرون بك و ينظرون اليك بعين الرضى ..
    رضيّ الله عليك ابنتي و رزقك الحجة و اليقين و طريق الرشاد ..
    احبك مادلين ❤️

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى