عمان …عمان …. جاي عمان / خالد عبدالله الزعبي

عمان …عمان …. جاي عمان
ما زالت اصداء هذا الصوت المتحشرج وفيه شئ من بحة خفيفة تطرق مسامعي للتوء كلما دخلت ذلك المكان والذي كان يتسلطنه وفي زمن غير بعيد ذاك الخمسيني الاشيب المربوع وهو ينادي عمان ..عمان … جاي عمان في اشارة منه لجلب انتباه المسافرين من اربد الى عمان للسيارة التي كان هو فقط من يؤهلها بأن تكون في رأس الدور …
من لوازم الدور – والذي لا ندري اهو كان قد تقمصه هذا الرجل ام اسند اليه من جهات رسمية – فقط هي صافرة وقبعة خشنة وورقات شبه تالفة من عرق كفيه وقلم حبر اودعه شفير احد اذنيه…
سيارة 190 او 200 او المرسيدس ام سبع ركاب -الله يسبع عدوينكم – هي الوسيلة الانجع لمن يبغي الاستعجال فكنا نلتجئ اليها هربا من ارق الانتظار حينما نصعد الى باص الخمسين راكب الرابض في ارض الموقع ككومة حديد وننتظره ساعة او اكثر حتى يمتلئ بالركاب الامر الذي يدعونا بدحش اجسادنا في هذه السيارات لنبدوا بعدها كحبات المكدوس شارة الانطلاق هو وحده فقط من يطلقها حينما يضرب بكفه على مؤخرة السيارة فكانت قوة الضربة تتفاوت ما بين الخفيفة والموجعة حيث تتناسب مع مقدار دفعة البخشيش التي يتناولها من السائق ومن يد ما نعدمها.
كرة البندول وبائعي الخوخ….
ما ان يستند السائق خلف المقود ويمكيج المرآة الامامية للكشف المبكر عن ركابه لتكون في وضعية لم يرى من خلالها الا عينان جاحظتان بحجم الهم الذي يتأبطه …لتبدأ رحلة العذاب والمعاناة من جديد فصاحب الحظ السيء من حكم عليه بان يجلس في وسط المقعد الخلفي بين اثنين ،انها بالفعل كانت قمة الحرج والمعاناة فقدماه مشبوحتان امامه وذراعيه مسبولتان لجنبيه حتى يبدو كعرنوس ذرة او ريطة ملوخية …وييدا العذاب حينما كانت تتسلل نسمة صيف خجولة من النافذة فترمي بظلالها على الوجوه الناعسة فيغطوا بسنة عميقة من النوم تاركين الحرية لمناخيرهم بالتشحيط والتشخير اخخخخخخخخ تماما كبائعي الخوخ ،ولرؤوسهم المثقلة بالهموم بالتأرجح يمينا ويسارا تماما كطابة البندول متجاوزين حدود الارتداد مع ذاك المسكين الباسط كفيه وقدميه بالوصيد فتارة يهبط راسا على كتفه الايمن وتارة يهبط اخر على كتفه الايسر ويستمر العذاب وتتأجج المعاناة ألى ان يوصل الجميع بسلام نهاية الرحلة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى