على دكة الإحتياط / م مهند بني سعيد

على دكة الإحتياط

يجلس على كرسيه المهتز، يشغل السيجار ليملأ المكان عبقا من ضجر، يحرص أن يبقى قريباً من الهاتف، يصدر النفحات من صدر مشتعل ودقات قلبه غير منتظمة، يغير إتجاه الكرسي تارة ويتفقد هاتفه المحمول لحظة بلحظه وعينه على الشاشة يتلقف الأخبار ففي هذه الفترة تشكيل حكومه علها تصيب ويحصل على حقيبة وزارية أيا كانت تلك الحقيبه فلتو كان رجل سياسه وتتعبه كلمة سابق، تجعل في قلبه غصة، وفي تاريخه فراغ، وفي برستيجه نقص، رغم أن راتبه الشهري ذاته لم ينقطع، وحراسة لا يزالون على البوابه، وسائقيه رهن الاشارة، فتضع الخادمه فنجان القهوه فيزجرها فقد أزعجه صوت الفنجان عندما وضعته على الطاوله.
رغم أنه لا زال يحمل ذات اللقب، وأسواره العاليه تحجب عنه صخب الشعب وألم الشوارع، ونوافذه المظلله تحجب عنه رؤية الوجع ومنظر الباحثين عن لقمة العيش الذين لا يروق له رؤيتهم، وبركة السباحه للتو تم تغيير مائها، والبستنجي يقلم أشجار قصره ليبقى كل شيء جميل أمام عينيه، ودفتره مليء بالاجتماعات والجاهات والعطوات والمحاضرات، ولا زال يتصدر صفحات المجد والبطولة والإنجاز، وأسمه يتردد تارة من أصحاب المعالي وتارة من الأعيان مع أنه لا زال يحتفظ بأكثر من لقب أو واحد على الأقل.
تمر الساعات سنين أمام ناظريه وهو خارج السلطه، كأنه جامعي عاطل عن العمل تؤلمه جنباته من كثرة النوم، أصبح ليله نهارا ونهاره ليل تماماً كشاب يأس من الحصول على عمل وأي عمل، يؤلمه الإنتظار كأنما أب أو أم تنتظر بقية قسط أبنها في الجامعه، يأرقه النوم كأم يقلق مضجعها إبنها العازب أو بنتها التي دق العنوسة بابها، تقف الدمعة حائرة بعينه كرجل يتقاضى راتب المعونة الوطنيه يخاف في كل شهر أن يقطع لسبب طارىء، يتوارى عن الأنظار كأمراة تجمع بقايا الطعام من القمامة لتطعم صغارها الذين قرص بطونهم الجوع، يختبئ خلف الجدران كأنه المديون يخاف من ملاحقة أصحاب الشيكات والاقساط المترتبة عليه، في هذه الفترة إذا ما نظرت إليه أحسست بأنه مواطن، في ملامحه الغربه، وفي عيونه الألم، وفي خطواته التردد، وفي عقله ألف هم يدور، وفي ذهنه وطن، حالة من الهيستيرا ولحظات ترقب ففي وطني تشكيل حكومة جديدة وتشكيلة أعيان، ويا ليتهم يفكرون بنا وهم داخل التشكيلة كما يفكرون بتسجيل الأهداف وهم على دكة الإحتياط.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى