على المصالحة أن تتماسك / عمر عياصرة

على المصالحة أن تتماسك

دون ادنى شك، جاء تفجير نفق خانيونس، ليعلن اشتباكا اسرائيليا واضحا مع اتفاق المصالحة الفلسطيني، فهي تدرك ان غزة دون غيرها لم تعد في مرمى «الامر لها» التي تمارسه في الضفة وغيرها.
لكن كرة المصالحة التي تدحرجت بسرعة وكبرت ككرة الثلج لم تعجب اسرائيل في بعض جوانبها، فأرادت تنبيه الجميع انها موجودة وقادرة على العبث بالمعطيات، وانه يجب الاستماع اكثر لاشتراطاتها التي اعلنتها حول المصالحة.
من جهة اخرى تدرك حكومة تل ابيب الغارقة بأزماتها الداخلية، انها غير مستعدة لحرب في غزة، في مقابل عدم استعداد المشهد الفلسطيني لحرب جديدة، من هنا كانت عملية النفق سياسية بامتياز، فالفاعل وردود الفعل لن تخرج عن ذلك.
امس الاربعاء، ردت المصالحة على العملية الاجرامية الاسرائلية، من خلال استمرار تطبيق الاجندة الزمنية المتفق عليها بين فتح وحماس والقاهرة، فقد تسلمت السلطة الوطنية الفلسطينية المعابر بين غزة واسرائيل، مما يعني ان الاتفاق ماض في طريقه.
ما تخشاه اسرائيل من المصالحة اكثر مما نظن، فهناك تخوفات من انتقال الاتفاق بين اطراف العمل الفلسطيني من مرحلة الهدنات، الى مرحلة تصالح المسارين (المقاومة والتفاوض)، وهي صيغة تشبه ما نراه في لبنان، وقد قرأنا لمعلقين صهاينة تخوفات من كل ذلك.
احسنت المقاومة من خلال ضبط النفس كرد على عدوان الانفاق، واجادت مصر بتحركاتها لضبط الانفعالات، فالمصالحة اليوم كثقافة وخيار اهم بكثير من انفعالات شعبوية قد لا تكون مناسبة الا في وقتها وبيئتها.
واكثر ما يعجبني، ان طرفا كالجهاد الاسلامي، هو الاكثر تأثرا بعملية خانيونس، لا زال منضبطاً برأي المجموع الفلسطيني، وهذا دليل دامغ على ان في فلسطين عقلا سياسيا قادراً على اجتراح معادلة سحرية تجمع المقاومة مع اهل التسوية.
على المصالحة ان تتماسك، وان تنجح الى ابعد مدى، فلا خيار للفلسطينيين الا باجتماعهم، واما رغبة الاسرائيلي بغير ذلك، فهذا شأنه، يجب التعامل معه بحكمة وحنكة تصل بنا لمصالحة ناجزة، ومشروع وطني فلسطيني حقيقي الشكل والمضمون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى