على الخط الاحمر / جروان المعاني

على الخط الاحمر
حرق الشعب اخطر من حرق الاحراش فتعال واطفئ ما في صدور الناس من غل فنحن يا جلالة الملك نحتاج حبك هذه الايام، وما بثه لك رئيس الوزراء كذب، فما خُفظت اسعار ولا حُصلت الضرائب بعدالة لا بل حاول التجار قتلنا بغذائهم الفاسد فضعنا بين الحكومة والسمسار.
لو رايت يا صاحب الجلالة ردة فعل شعبك وانت تعمل على اطفاء حريق الكمالية والتعليقات التي تحمل الحب لك لنمت في ظل الشجرة كما نام عمر بن الخطاب انا لا اتملق ولكني انقل ما سمعته ورايته من عامة الناس واغلبهم كان يتبع حديثه انه لولاك وحبهم للعائلة الهاشمية لثارت البلد منذ أمد .
قد باتت الحاجة للإصلاح الإداري اكبر من الحاجة للاصلاح السياسي، فتوريث المناصب لا يصنع دولة مدنية لو كتبنا بها الف ورقة، وادارة المال العام لا يُستأمن عليها من يهمه مصلحة ابنه اكثر من رضا الشعب عليه، واسلوب البلطجة والاستقواء على الناس صارت سياسة متبعة عند علية القوم، فمن يسرق دينارا من المال العام تلاحقه كل الدولة في حين ان انهيار شركات كبرى وسرقة الملايين يخرج المتهمين فيها ببراءة ذمة تجعل منهم وزراء وسفراء واصحاب نفوذ، الشعب بات يصرخ باعلى صوته كفا، فاضعف الايمان في القلب تجاوزناه للسان، وكم اخشى ان يستغل الاعداء والمتربصين والنفعين ضيق الناس فتصير اليد هي معول التغيير .
حين نعلن ان البلد على كف عفريت وفي مهب الريح لا نبالغ، وحين نقول ان اطفاء حريق قلوب الناس امر مُلح لا نبالغ، وحين نشد على يد الاجهزة الامنية للضرب بيد من حديد على المجرمين والناهبين لقوت الناس نكون قد لُذنا باخر ملجأ فاذا لم يطمئن الشعب للاجهزة الامنية فبمن يلوذ؟
في اخر حوار لي مع احد ضباط اجهزتنا الامنية المحترمين قال (صاحب الولاية العامة هو رئيس الوزراء حيث منحه الملك الثقة، وعليكم معشر المثقفون ان تدركوا ذلك) اجبته، بصيرة الملك ادرك وسعها وادرك حجم الهموم التي يعانيها ولكن على رئيس الوزراء ان يكون على قدر ثقة الملك، فلا يعقل ان يتابع الملك كل صغيرة كبيرة حتى حوادث الحريق او استخدام طائرة لنقل جريح او ميت.
تكاد تكون مسألة الديمقراطية اخر اهتماماتنا فالازمات التي تمر بالمنطقة ككل ، وعودة قضية فلسطين لنقطة الصفر والتلويح بالحرب على غزة تنعكس على الاردن بشكل خطير، لكن ذلك لا يمنع ابدا من تدارك حالة الادارة العامة للبلد حيث يكاد يتفق جمهور الناس بالرضا عن اي قرار يخص السياسة الخارجية مهما كان صعبا، لكن الجمهور نفسه يطالب بالالتفات الى الداخل وادراك خطورة ان يتنازع رئيس الوزراء ووزير على مناصب ابناءهم، ثم يكون الحل ايضا على حساب البلد .
فاض الكيل بما كال وحان الوقت لتدارك ما تبقى من محبة الناس للبلد حتى لايصيبنا ما اصاب غيرنا فالفقر ابشع باثره من كل الحروب، وهدر الكرامة والحصار يصنع من الهر نمرا، والحب لا ياتي بالخوف بل بمزيد من الحقد والتربص وهو ما لا نريده لبلدنا العزيز، والله من وراء القصد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى