علامة النجاح..

مقال الخميس 22-9-2016
النص الأصلي
علامة النجاح..
في بلدي لا شيء يذهب هباءً..فور دخول لجان الفرز إلى الغرف المغلقة لإحصاء الأصوات خرجت فرق المرشّحين إلى الشوارع في سباق محموم مع عمال البلديات والأمانة لقطف ثمار أعمدة الكهرباء وجسور المشاهد من صور المرشحين المدلاّة وإعادة تجميعها وتخزينها و”تخميرها” سليمة معافاة من أي أذى في سبيل استخدامها في دورات مقبلة ، لا شيء يتغيّر ؛ الشعارات ثابتة ، البطالة موجودة، والفقر المدقع سيصير “أطقع”، والقدس “وين بدها تروح” في مكانها ، والمساواة تماماً كأسنان المشط الأدرد..والنائب في بلدي “لا يفنى ولا يستحدث ولكن يتحوّل من مجلس لآخر”…
في ظل هذا “التدوير” وجلوس الناجحين والخاسرين كل على طاولته يحسب “من أعطى ومن أخذ”..من “صوت ومن حجب”..جميل أن تجلس الدولة هي الأخرى على طاولتها وتعيد حساباتها ..تسأل نفسها من شارك ومن لم يشارك..ولمَ لم يشارك!!

إذا أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا فإن علامة “35%” مع الدزّ والدفش والسماق وبهارات البرياني وجهود الأخيار ليست علامة نجاح بالمعنى الفعلي للعملية الانتخابية ..إذا ما نظرنا بعينين صافيتين إلى المشهد الكامل برمته فإن هناك 65% ممن يحق لهم التصويت آثروا المقاطعة و عزفوا عن هذه المشاركة ولم تعنيهم الدعاية الانتخابية ولا الإثم الواقع عليهم بفعل الفتاوى بضرورة اشهار نكاح العرس الوطني…على الدولة أن تضع أوراقها أمامها وتفكّر ملياً لماذا يعزف أربعة أخماس ممن يحق لهم التصويت – حتى ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع – عن الذهاب لاختيار ممثليهم ،مندوبيهم، المدافعين عن حقوقهم ،فرسان ديمقراطيتهم ،أصواتهم المجلجلة تحت القبة المقعّرة؟؟
لماذا لم يستفز أربعة أخماس المواطن في الجري إلى الديمقراطية..باختصار لأنه يرى أن أربعة أخماس الديمقراطية الحقيقية معطّلة ، و”أربع حواس” الديمقراطية التي يتخيلها معطوبة..فلمَ يفرط في التمني ان كان ثقل الواقع سيجثم عنوة على صدره…
إجراء الانتخابات نصف خطوة من النجاح..خطوة النجاح الكاملة عندما يزحف الشعب زحف الظمآن إلى الماء ليغرف كفيه من حبر التصويت ..وهذا لن يتحقق الا إذا أطلقتم يديّ البرلمان ليعمل بحرية ومسؤولية واستقلالية، عندما لا يحمل المال الأسود على بساطه ثلث الناجحين إلى القبة، عندما يكون القول الفصل للأحزاب لا للعشائر ،للبرامج لا لاتساع المقرات، عندما يذوب رأس المال أمام عظمة الكفاءة ، عندما يُسقط البرلمان الحكومة الضعيفة والفاسدة ويحجب الثقة عن وزير ويعارض قراراً خطه موظف صغير في “صندوق النقد الدولي” …علامة النجاح الا نصل إلى “الثلث”… علامة النجاح أن يطرق الشعب باب الدولة مطالباً بديمقراطيته “الكاملة” التي اختارها هو لا التي اختارتها هي!!.
علامة النجاح أن نشعر بأننا نمضي نحو الديمقراطية النظيفة التي تحترم إرادة الأغلبية ، لا إرادة النفوذ والنقود ومزاج السفير المناوب..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. لا نجاح ولا ما يحزنون … خرطبيطة على جميع الصعد … وسرقة الصناديق ” بيني وبين اخبارهم علم الله ” اكبر دليل ان صحت ان هناك عدم ضبط
    هي ” هيزعية ” جُرّ اليها الشعب يلهو باحداثها شهر وأكثر ثم يعود كل من المواطن ” ناخب وغير ناخب ” .. المرشح ” ناجح وغير ناجح ” المسؤول ” مستفيد وغير مستفيد ” كلٌ الى ركنه يمارس الدور المنوط به والمرسوم له على اتم وجه

  2. 35% للبرلمان, 40% للثانوية العامة نسب رياضية تمثل فشل خطط إستراتيجية يبنى عليها مصير دولة..أي دولة..! فأين النسبة الأقل والتي لها دالة النجاح وهي 50%..!

  3. سلمت يداك على تسطير الواقع بسخرية الألفاظ وموافقتها لمرارة حالنا وآمل لو سقي السم بين الكلمات لمن يستحقونه ونسأل الله أن يغير الحال إلى أفضل حتى لو اضطررنا لتشكيل حزب من الساخرين يحمل تجديدا لاذعا.. و السلام .

  4. اعتقد انك محق جدا في كلامك .. ولو طرحت من هذه العلامه من حملهم المال الاسود على التصويت ستجد بان نسبه التصويت ربما تمثل سكان جزر برمودا , مطلوب من الحكومه والمجلس القادم العمل على اعادة الثقه للمواطن بمجلسه ونوابه .. البعض يتهمك بجلد الوطن ومنجزاته رغم ان نقدك فيه مصلحه للوطن والمواطن .. وعلى راي اخوانا الجدعان السمس م بتستغطاش بغربال ….!

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى