عقد الجــــراد / يوسف غيشان

عقد الجــــراد
يوسف غيشان
تم وسم عام 1930 بعام الجراد حيث إجتاحت أسراب الجراد إمارة شرق الأردن، وعاثت فسادا في معظم المناطق ، وقد ساهم أبي- عيطان ما غيره- كعامل سخرة في أعمال مكافحة الجراد، وكان يقضي وقته في ابتكار الأحاييل حتى يعود الى بيته ويخلص من وجع القلب .
الجميل في الموضوع أن قائمقام مادبا في ذلك العام سامح حجازي، قام بتعيين قائد الدرك ليقوم بأعمال القائم مقامية وأشرف بنفسه ميدانيا على أعمال مكافحة الجراد في المنطقة، وقد شرع بتسجيل يومياته بالتفصيل .والأجمل أن صديقنا المهندس محمد رفيع قد قام بتحرير هذه الأوراق وإصدارها بكتاب عام 2005.
ندخل في الموضوع: كانت اعمال مكافحة الجراد الرئيسية تعتمد – اضافة الى حرق الأسراب وهي على الأرض- على حرق وتدمير بيوض الجراد قبل أن تمر بمراحل نموها لتتحول الى جراد يأكل الأخضر واليابس. وقد نجح سامح حجازي في القضاء على الجراد وبيوضه في منطقة مادبا وضواحيها ذلك العام.
كان سامح حجازي موظفا مخلصا ومتميزا ، وقد اتسمت أعماله في جميع المناطق والمناصب التي تنقل فيها بالإخلاص التام للدولة الأردنية ،وهذا نموذج للموظف العام أصبح شحيحا جدا في زماننا ومكاننا، ولم استطع منع نفسي من نقل اسطر من مذكراته حينما كان رئيسا لبلدية العاصمة عمان في الأربعينيات ، ربما حتى تشعروا معي بالفرق الهائل بين موظف زمان وموظف اليوم .
يقول سامح:( وقد قمنا بتعقيب تحصيل الذمم المتأخرة للبلدية من سنين متتالية، وخاصة ديونها المهملة من أثمان المياه، وكانت نتائج التحصيل حسنة ، خاصة بعد أن وضع الحجز على أموال سمو الأمير طلال نفسه، الذي أهمل وكلاء سموه دفع بعض الذمم المدفوعة منه. انتهى الإقتباس.
كم نحن بحاجة اليوم الى سامح حجازي لمكافحة جراد الفساد – في عقد الفساد هذا- وحرق بيوضه الجديدة – على أرضها- قبل أن تفقس وتملأ الأرض جورا وظلما….. تعال يا سامح ، ولن اهرب كما هرب أبي من أعمال السخرة ..بل نحن معك جميعا تطوعا وبالسخرة ، لنشلع معا بيضات الفساد.
ghishan@gmail.om

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى