عشائر سورية وأردنية فرقتها الحدود وجمعتها مآسي اللجوء

“لعنة الله على سايكس بيكو وعلى المأساة”، عبارة تقاسمها الأردني حمدان الخالدي، والسوري أحمد الخالدي، وهما ابنا عشيرة واحدة، فرقت بينهما حدود رسمها الاستعمار، وزعتهما بين بلدين وجنسيتين، من دون أن تتمكن من جعلهما في عشيرتين.

داخل خيمة في أحد مخيمات اللاجئين السوريين العشوائية في بلدة الزعتري الأردنية التابعة لمحافظة المفرق، يروي اللاجئ السوري أحمد الخالدي (أبو سلطان)، قصة لجوئه، عندما دخل حمدان الخالدي (أبو موفق) إلى الخيمة، تصافح الرجلان وتبادلا عبارات الترحاب، ودارت القهوة العربية على الحاضرين.

لا يختلف أبو موفق الأردني عن أبو سلطان السوري، اللباس العربي نفسه، الشماغ (الحطّة) بلونيها الأحمر والأبيض على الرأس يعلوه العقال، اللهجة متطابقة، مع فارق التجاعيد التي تكشف اختلاف العمر بين الستيني أبو موفق، والأربعيني أبو سلطان.

دخل أبو سلطان إلى الأردن فجر 22 أكتوبر/تشرين الأول 2013، بعد رحلة استمرت 8 ساعات متواصلة منذ مغادرته قريته في ريف حمص حتى وصوله إلى الحدود الأردنية ترافقه عائلته المكونة من زوجته وثمانية أولاد. ويقول: “ركبنا 150 شخصاً في شاحنة يمتلكها مهربون، نقلونا من قريتنا إلى الساتر الترابي على الحدود، وهناك نزلنا وقطعنا الساتر الترابي مشياً على الأقدام، وكان في انتظارنا حرس الحدود الأردنية الذي سمح لنا بالدخول”.

بعد تدقيق الأوراق الثبوتية لقافلة اللاجئين، وتسجيلهم في سجلات خاصة، نقلوا إلى مركز استقبال قريب من الحدود ومنه إلى مخيم الزعتري.

لماذا الأردن؟ فيجيب أبو سلطان، الذي كان مدرّساً في سورية “بعد أن سيطر الجيش الحر على قرى حمص، زادت مخاطر القصف المكثف من طائرات النظام، قررنا المغادرة للنجاة بأرواحنا، وكان خيارنا القدوم إلى الأردن، لأن فيها أقارب لنا وعشيرة تساعدنا”.

باتت عائلة أبو سلطان ليلة واحدة داخل المخيم، وفي الصباح زارتهم شقيقته المتزوجة بأردني من بلدة الزعتري منذ أكثر من عشرين عاما. ويقول: “أحضرت لنا شقيقتي الفطور ثم نقلتنا إلى بيتها، زوجها قريبنا هو من أبناء عشيرتنا”. وبعد أسبوع انتقل وعائلته للإقامة في المخيم العشوائي الذي حمل اسم “مخيم العداد” والذي يبعد أقل من كيلومتر عن أسوار مخيم الزعتري، والذي يقيم فيه قرابة 300 شخص جميعهم من ريف حمص.

يفضل أبو سلطان واللاجئون في مخيم العداد حياتهم في المخيم العشوائي على حياتهم داخل المخيم النظامي، ويقول “احنا عرب (بدو) ما نطيق الحبس، في المخيم في قوانين لازم نمشي عليها، وإحنا ما نقدر تصير كل حياتنا بنظام وقانون”.

ويستفيد اللاجئون في المخيمات العشوائية من المعونات المالية التي توزعها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والتي تتراوح بين 10-15 ديناراً أردنيا للفرد شهرياً، كما يؤمن عمل بعضهم بالزراعة دخلاً إضافياً، إلى جانب مساعدات يقدمها السكان المحليون، يقول أبو سلطان “أهلنا ما يقصرون معنا”.

ويستبعد اللاجئ الذي يدير مدرسة للأطفال اللاجئين تضم نحو 70 طالباً، الانتقال إلى المخيم النظامي. ويتدخل أبو موفق غاضباً “ما راح يرجعوا على المخيم. عيب علينا يقعد قرايبنا في المخيم مع اللاجئين وإحنا قاعدين في بيوتنا”.

يتابع الستيني أبو موفق الذي منح أرضاً يملكها للاجئين أقاموا عليها خيامهم “أنا لما كنت أروح على سورية كنت أنزل عند عشيرتي في ريف حمص ويكرموني، والحين عيب يقعدوا وهمه ضيوف عندنا في المخيم”، مضيفاً ” لما كان يصير عرس بالزعتري أهلنا بريف حمص يرفعوا رايات الفرح، ويوم يصير عندهم حزن نكفي دلال القهوة”.

ووفقاً لإحصاءات وزارة الداخلية الأردنية يقيم في مناطق الشمال المتاخمة للحدود ما يقرب من 60 في المائة من مجمل عدد اللاجئين السوريين أي نحو مليون و400 ألف لاجئ. العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى