عراق..يا عين عروبتنا

مقال الثلاثاء 10-4-2018
النص الأصلي
عراق..يا عين عروبتنا
مهمّا تجمّل لا تختفي ندبة الحزن من تقويمه، مهما ادّعى الفرح لكنه لا يخلع ثوب الحداد.. نيسان بكل ربيعه لا ينسيني خريف بغداد..كل وروده البريّة لا تنسيني زعتر التاريخ ،اقحوانة العروبة،وسنبلة المجد..
**
بم نذكرُ بغداد؟ وهل نسيناها حتى نذكرها؟..بغداد مثل الأم فتحنا أعيننا فرأيناها تحرس أسرّتنا ،تهزّ غفوتنا، تغني لرموشنا المثقلة بالنعاس، كل ما في بيتنا كان فيه بعض من رائحة العراق،خارطة الوطن المعلقة في صدر البيت، أكياس التمر، دفاتر المدارس،أغاني سعدون جابر،وصوت ناظم الغزالي الذي يصدح من الراديو القديم وقت الضحى..
في حيّنا كانت تستريح الشاحنات المتعبة من مشوار العودة، وقد علق على خشب الصندوق رمل عراقي ،وصيف حارق لم يفارق “اوضة السائق”.. بعد غياب بين عمان و”البصرة” و عمّان و”الرمادي” ، كان يحضر الآباء هدايا الأولاد من متاجر الرشيد، “حرامات جديدة” ،وسائد” دراجات هوائية ،دبس عجوة ، “زيت ذرة”، وصابون عربي ،وكثير من الكرامة..
مزاجنا منذ القدم “عراقي” ، لا الحدود ولا جوازات السفر كانت تعني لنا شيئاً،هوانا شرقي مهما حاول البعض تبديل اتجاه الهوى ، لباس سائقي الشاحنات الأردنيين اشتهر بــ”اللفة” العراقية ،المصطلحات ،الصداقات ، الأغاني التي كان يضعونها في مسجلات الــ”200″لفّ ، وحتى دبكة “التشوبي” هي الأخرى تم إحضارها على شاحنة الفرح ودخلت أعراسنا واتّحدت مع تراثنا وكأنها منه وله.. فلا فرق بين الكلام الأردني والعراقي ولا فرق في الوجد والعناد والكرامة ونطق “التشاه” المشبع بالرجولة ، فنحن بعض من العراق والعراق بعض منا..
في التاسع من نيسان ، كسرت بوابة الشرق ، وسقطت العباءة عن اكتاف “الشيخة العربية” ، وتدحرج العقال أمام الغزاة ..وجلسوا في صدر البيت من كانوا “قطاريزه” ، في التاسع من نيسان بكينا كثيراً ،فجعنا كثيراً، خسرنا سيفاً كان يذود عنا بلا مقابل ، يصدح بالعروبة لا غيرها ، القدس في ذمة بغداد،وعمّان في مة ذمة بغداد أيضاَ ، كلما توجّع قطر شقيق مدّ انبوب نفطه وقال خذ واكتف، لكن لا تمدّ يدك لغير أخيك، وكلما هدّد استقرار قُطرٍ شقيق ارسل جنوده وقال نحن لك المهم الا تجزع وألا تركع..وعندما تلقى العراق الرصاص بصدره وحيداً..سارع الجميع بدفنه حتى دون تضميد جراحه او الاستماع إلى نبضه الأخير..هل عرفتم لماذا نبكي العراق إلى الآن وسنبكيه الى الأبد..لأننا خسرنا عين عروبتنا!!.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى