عبقرية القائد ! / م . عبدالكريم ابو زنيمه

عبقرية القائد !

نذ ما يقرب من (50) عاما وأنا أسمع في معظم المحطات العربية هذه الجملة ” عبقرية القائد…عبقرية القيادة” ولم أفكر يوما في المعنى الواقعي لهذه التوصيفات ، وكنت أعتبرها إحدى الأهازيج أو الموشحات التي تتغنى بها وسائل أعلامنا صبح مساء وعلى مدار النشرات الأخبارية مروراً بالنشرات الجوية حيث يكادون ينسبون هطول الأمطار لعبقرية القائد !
ما أستوقفني للتأمل والتفكير في هذا هو ما ردده أحد خطباء المؤتمر العام السابع لحركة فتح ،فقد تغنى كثيراً بعبقرية القائد وعبقرية القيادة ! مرّ شريط تاريخي طويل بذاكرتي ابتداء من عام 1965م بداية انطلاق حركة فتح ولغاية اليوم ،تجّلت أمام ناظريّ تلك القامات الثورية وأولئك المناضلون الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم ولم يعرفوا اللون الأحمر الا بلون الدم الفلسطيني سبيلاً لتحرير الارض الفلسطينية من دنس الاحتلال الصهيوني !
عجبت من نفسي ومن الكثيرين أمثالي الذين لا يعرفون شيئاً عن القائد العبقري والقيادة العبقرية ليس في القيادة الفلسطينية وحدها وأنما في كل القيادات العربية الفائقة العبقرية ،كم نحن متخلفون عن قراءة ومتابعة الأحداث والتاريخ ! فها هو القائد محمود عباس والذي قال أمام المؤتمر وأشار بيده بأنه من هندس وكتب بيده بنود اتفاقية أوسلو يؤكد وبكل ثقة وحزم بأن العام المقبل أي عام (2017م) سيكون نهاية الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين وستقام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية !!!
لم نفهم سابقاَ بأن استمرار انقسام وحدة الشعب الفلسطيني وتوسع شرخ الانقسام بين أبناء حركة فتح نفسها والتمسك بالتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني وتغييب وتحييد الكثير من القامات الفكرية والعقائدية والنضالية عن الواجهات القيادية ما هو الا الأسباب والموجبات العبقرية لإنهاء الاحتلال وزواله وإلى الأبد عام 2017 !!! وستنتقل كل القيادات العبقرية الى دار الرئاسة وإلى مباني الوزارات في القدس المحتله بعد أيام أو أشهر على أكثر تقدير !!!
عرفت اليوم لماذا بكى الشعب الفيتنامي قائد ثورته فو-نجوين-جياب عام (2013م) ولماذا يبكي اليوم الشعب الكوبي وكل أحرار العالم الزعيم والقائد فيدل كاسترو ؟ هؤلاء القادة آمنوا بقضايا أممهم وشعوبهم وناضلوا وكافحوا من أجل تحرير الارض والأنسان وفي نفس الوقت عاشوا بسطاء ولكن أعزاء، وهزموا الاحتلال والاستعمار بتضحياتهم وعزيمتهم بعد أن رفضوا توقيع أي اتفاق مع المحتل والمستعمر إلا بعد جلاء الاستعمار نهائيا عن بلادهم وتحت حراب بنادقهم، اولئك القادة فاوضوا المستعمرين والمحتلين بندية وشموخ وكبرياء المنتصرين بلباسهم العسكري لا بربطات العنق الفرنسية الحمراء والبذلات الإيطالية ! ولم تتجلّى عبقرياتهم عن استجداء الأعداء لتنفيذ الاتفاقيات بل تم تنفيذ شروطهم رغم أنف المحتل ومع ذلك لم تتغنى وسائل إعلامهم بعبقرية القيادة لديهم.
رحم الله الزعيم والقائد ياسر عرفات ورحم الله كل شهيد عطّر بدمائه أرض فلسطين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى