عالوحدة ونص / يوسف غيشان

عالوحدة ونص

جميع مبررات الوحدة ـ بمفهومها الكلاسيكي ـ متوفرة بكثافة لدى الأمة العربية، لكن جميع مبررات الفرقة متوفرة أيضا، من تضارب مصالح وتنافس على التقرب من الأعداء ومعاداة الأصدقاء.
صحيح أن مبررات الفرقة أقل بكثير من مبررات التوحد، ألا أننا أخذنا بالفرقة لزيادة عدد أصواتنا في هيئة الأمم المتحدة.
إلا أن الأصوات الداعية للتوحد ما تزال تحاول جمع كلمة الأمة تحت راية الأمة الواحدة للتخلص من نير المستعمر والغاشم ولبناء أمة عربية واحدة تستعمر العالم بدل أن يستعمرها (اللي بسوى واللي ما بسواش )
ومن اجل هذه الغاية فقد تم تصنيع ونشر وتسويق العديد من الحكم والأمثال الشعرية والقصصية التي تؤكد أفضلية الوحدة على التفرقة، ومن بينها بيت شعري مشهور يقول:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا
ومن اجل تقوية فعالية هذه الحكمة فقد صاغتها أيدلوجيا الوحدة العربية على شكل قصة وحكاية لتصل حتى إلى البسطاء والمساكين من أمثالنا:
السيناريو الأول
تقول الحكاية بأن شيخا جليلا لما شارف على الوفاة دعا أولاده ليجتمعوا حوله وطلب من أكبرهم أن يحضر عصا ويحاول أن يكسرها، فكسرها ثم طلب منه أن يضع مجموعة من العصي مع بعضها ويحاول كسرها. تقول الحكاية بأنه فشل في كسرها وكذلك أخوته.
ففهم الأولاد الحكمة، في أن الوحدة تجعلهم أكثر قوة. ومات ذلك الشيخ الجليل راضيا مرضيا.
لكن، وبما أن الحقيقة ـ حتى الحقيقة ـ حمالة أوجه في عصر الثري دايمنشينز والفور دايمنشينز، فأننا نحاول هنا أن نتوقع تفاصيل ما جرى في ذلك الاجتماع التاريخي، سيما وان الرواية التقليدية التي تؤكد وصول رسالة الوحدة إلى الأبناء تنفيها الأحداث الجسام التي حصلت فيما بعد، وتفرق الأولاد وتنابزوا وتقاتلوا، لا على البر وليس على التقوى، بل على الإثم والعدوان.
لنحاول معا ان نصوغ سيناريوهات أخرى مفترضة لتفاصيل ما جرى في ذلك الاجتماع التاريخي العظيم:
السيناريو الثاني :
حيث إن الولد الأكبر كسر العصي المجتمعة ـ لنفترض أن اسمه كان عطا، مثلا ـ فطلب الشيخ الوقور من ابنه ان أن يزيد عدد العصي إلى عشرة ويحاول كسرها، فكسرها عطا. غضب الشيخ الجليل وقال لابنه البكر أن يضع جميع ما تبقى من العصي معا ويحاول كسرها، وضعها عطا مع بعضها وكسرها بسهولة.
استشاط الشيخ الجليل غضبا فصرخ بفلذة كبده قائلا:
أخس عليك يا عطا!! خربت عليي السالفة. –
ثم مات !!!
السيناريو الثالث :.
إن الشيخ الجليل بعد أن كسر عطا العصي المجتمعة نظر إلى أولاده وقال لهم مبتسما بحكمة:
-ـ يا أولادي… ما دام هالبغل معاكو، أنا مش خايف عليكو .
ثم مات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى