“طقس وداع” / د. فدوى علاونة

“طقس وداع”
د. فدوى علاونة

في طقس من طقوس وداع المدرسة ، كان كل منا يحضر قميصه و يتركه تحت تصرف اصدقائه ليخط كل واحد منهم ذكرى ، اقلام بالوان مختلفة و احجام خط متفاوتة و نقش لاحدهم بكلمة قالها فيك و اخر يسطر امنية لك و ثالث يضحكك بدعابة و رابع يترك تاريخا و امضاء

هي الحياة بكل ابعادها لا تعدو كونها سوى قميصا كبيرا اتسع للماضي و الحاضر و ينادي على المستقبل الاتي، و احجام الشخوص الماثلين فيها و الوانهم كاحجام اقلام الاصدقاء و الوانهم ، يخطون و ينقشون و يسطرون على ذلك القميص الكبير ، منهم من يختار الياقة و اخر يختار الاكمام و ثالث يتربع على باطن القميص و رابع يؤوي الى ظهره ، لا تدري ايهم اقرب اليك نفعا او ضرا ، فقد يعتلي المعانق الياقة تماما كما يفعل الحبل الخانق و قد تاتيك طعنة من باطن او ظاهر كما تاتيك مسحة تربث عليك و على وجدانك بصفو المشاعر

اما الاكمام فهي سوار الكف قبل الذراع، قد ياخذ احدهم بيدك ليسير بك آمنا الى الضفة الاخرى و قد ياخذ بها ليبترها .

مقالات ذات صلة

الكل يعيدون اقلامهم الى جيوبهم و تبقى انت وحدك مع قميصك ، تنظر اليه لتبتسم تارة و تتالم تارة اخرى ، تقلبه فترى كلمات بلغات شتى و لهجات فصيحة و اخرى قبيحة .

تخبئه في خزانتك اعواما و تعود لتتفقده مرات و مرات، ترتجف منك الانامل تماما كما المشاعر ، تضمه مرة و تهم به لتغسله مرة اخرى ، لكن الخطوات لا تسعفك ابدا، فاللون الباهت ذكرى ، و الخطوط المتداخلة ذكرى ،و الكلمة و الامنية والدعابة كلها ذكريات خطت باقلامهم على قميصك انت و تركوها لك انت ايضا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى