صور للتأمل الطويل..

مقال الاثنين 20-6-2016
النص الأصلي
صور للتأمل الطويل..
وفي بلاد العرب أيضاً نماذج جميلة وحيّة لاحترام الإنسان وخدمة المواطن والرقي الاخلاقي في التعامل مع الرعايا والجماهير، نحن نبحث عمّن يعظم الإنسانية ويمارس التواضع أينما وجد غرباً او شرقاً ونزرعها بذرة في الوطن علّنا نحصد مثلها في يوم ما، ليس الهدف إثارة الدهشة حول الشخوص أو توسيع بؤبؤ الانبهار بهم ..نحن نركّز على السلوك الراقي سواء حدث في كندا أو في نواكشوط..
ففي دولة يشكل الوافدون فيها أكثر من 90% من سكانها ولا يتجاوز نسبة مواطنيها العشرة في المئة ، تنزل إلى الشارع أصغر وزيرة في العالم شما المزروعي – 22 عاماً- وزيرة الدولة لشؤون الشباب الإماراتية لتوزّع وجبات إفطار وقت الغروب على السائقين المتأخرين عن بيوتهم دون النظر الى جنسياتهم او أصولهم او لغاتهم في محاولة للممارسة العملية على تعظيم الخير وحث الشباب للتوجه لمساعدة الآخرين والاقتراب أكثر من “أنفاس الناس”..البلد غنية جداً،ومتقدمة جدا، وبإمكان الوزراء أن يؤثروا البقاء في مجالس المشايخ والوجاهة، وأن يلتهوا بمصالحهم الخاصة وينعموا بقصورهم الفارهة ويتركوا العمل العام لصغار الموظفين فالدولة تمضي بنعيمها والأمور تسير على خير ما يرام..لكنّهم اختاروا ان يكونوا أقرب الى مواطنيهم وضيوفهم ووافديهم ،فلا بد من خيط الألفة ليربط بين الحاكم والمحكوم لا بد من إبراز غنى النفس على غنى المظهر..قد يقول البعض وهل يغرنّك الاستعراض؟؟…وان كان – ولكل امرئ ما نوى- يكفي أنهم يفكّرون بشعبهم وبمقيمهم حتى لو من باب الاستعراض…
لماذا نصرّ دائماً هنا على استحضار “عواجيز” الإدارة والسياسة لنسلّمهم الوزارة تلو الوزارة، وإذا أحضرنا شباباً فيكونوا – من محاسن الصدف- من أبناء “العواجيز” أنفسهم أو أحفادهم أو أحفاد أحفادهم ..لا يعنيهم خدمة الناس او القرب من الشعب فهم لا ينجبون الا الشباب المرفّه المنعّم المتعجرف الذي جاء ليأخذ كوبون الوجاهة من الوزارة وينصرف إلى عمله…لماذا لا تفكر الدولة عند اختيار وزرائها بقدراتهم، لماذا لا تفكر بشاب حصل على بطولة في لعبة رياضية ليكون وزيراً للشباب..لماذا وزراء الشباب عندنا – في كل مراحل الدولة- كل واحد فيهم يحتاج الى مساعدة صديق ليقوم “بتزنيك” سحّاب بنطاله!!..
صورة أخرى للتأمل الطويل وفي الإمارات أيضا…حاكم دبي ورئيس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم.. بعد حصوله على نتائج أوائل الثانوية العامة من الوزراة.. يفاجىء المتفوقين بالاتصال بهم هاتفياً واحداً تلو الآخر لــ”يبشّره” بالتفوّق والنجاح قبل ان تُعلن النتائج الرسمية دون ان يهتم من فيهم المواطن ومن الوافد ومن اللاجئ…هي مشاركة ودودة وذكية ، مبادرة لزراعة الفرح بقلوب الناس العاديين وافدين ومواطنين لتبقى لحظات محفورة في أذهان الأوائل مدى الحياة…عندما يصل التفكير في المسؤول كيف “يُسعد” لا كيف “يسرق” الناس تكون الدولة بكل أركانها في أمان وتقدّم حقيقي!!.

صورة ثالثة للتأمل الطويل..مواطن سعودي يستجدي الصائمين ان يجلسوا على مائدته في الحرم المكي ينادي ويتوسّل الموافقة من كل المارّين ثم يقبّل رأس كل من يقبل دعوته للجلوس على افطاره ويحمد الله كل لحظة…بالمقابل هنا ..لا نسمع الا عن مشاجرة دامية بسبب “عرباية” عصير وأخرى من أجل كيلو قطايف…ذات المعادلة تنطبق على المشاهد الثلاثة..غنى النفس وغنى المظهر..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. المشكلة تكمن في أن بلدنا لها أطول حدود مع إسرائيل …لذلك نحن نعيش في قالب محكم مدروس ومرسوم … التغيير من سابع المستحيﻻت

  2. نحتاج إلى كبير النفس الكبير ..(القدوة).. اليوم أوقف رجل سير الحركة المرورية لمدة (20) دقيقة على تقاطع رئيسي من أجل أحد من خان المسؤولية بقبولة إ ظهار مرض عظمته بموكب من (3) سيارات.. أصبحنا دولة تأملات..!!

  3. لقد كان لي شرف العمل كمستشار في المكتب التنفيذي لحكومة دبي لمدة ٦ اشهر عام ٢٠٠٦ ثم عدت للامم المتحده. الحق يقال ان سمو الشيخ محمد بن راشد يعمل بمنتهى المهنية و الجدية و لخدمة بلده و شعبه و يستثمر امواله في بلده

    اين …………. من هذا؟!!! اموالهم في سويسرا و باعوا مقدرات الوطن تحت مسمى الخصخصة التي لم يراعى فيها ابسط قواعد العمل المهتي

  4. هناك مظاهر ايجابية من المسؤولين او الموظفين عنا ايضا يكفي انه ما يكشر بخلقتك ابدا وهذا شعارنا . واحنا كمواطنين دايما نعطي اولوية للمشاة وما بنتجاوز بالسيارات بشكل هستيري .
    لهيك ما عنا حوادث ابدا
    لكن المنسف والزرب من عنا وما حد يقدر ينكر

  5. قال تعالى….ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم…..صدق الله العظيم.. ليس من يرضح تحت حد العوز ومن يبيت الفقر في بيته ويارق وسادته ويغط في احلام ابنائه ..كمن يسكن القصور وصدى النعيم يضج عنان السماء.. كيف لا وعرباية العصير هي راس المال وسيدة رغيف الخبز…

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى