صورة … و موقف / أحمد المثاني

صورة … و موقف

عند انتصاف النهار ، قبل أن تعلنه
تلك الساعة الذهبية في صدر الصالة الكبيرة
ينفرج باب البهو عن سيدة قد استكملت كل
زينتها ، و لبست من الأثواب ما ينبؤ أنها في
عجلة من أمرها .. و فجأة ، أخذت تصرخ و
تصيح على عاملة المنزل ” الشغالة ” التي
هبطت عن السلم العلوي ، و هي ترتجف و
تقول : نعم ، نعم . ماما ..
و فجأة تحول هذا الملاك المطلي بمختلف
ألوان الجمال .. و الذي يفوح عطره في
الأرجاء .. إلى شخص سجان أو حارس فظ
و بكل قوة ترمي بهيكل انساني .. زهد في
ثوب الأنوثة :
اين الحقيبة .. أين الأوراق ..?? أيتها الحقيرة .. هل نظفت السيارة…
أسرعي ، لم يتبق معي وقت .. أنت تعلمين
ماذا سأفعل بك بعدما أرجع .. جهزي الغداء
جهزي القهوة للاستاذ حينما يستيقظ .. و
يعلو صراخ انثوي .. متعجل . و بالمقابل
صوت خانع : طيب ماما .. طيب ماما ..
و يغلق الباب على موكب الزينة المتعجلة
الغاضبة .. و تخرج مدام “س” بكعبها العالي
و فستانها الذي عبثت به النسائم .. كاشفا
عن بعض ساقيها ..
و تتبع ذلك شهقة و بكاء انكسار من حطام
انثى .. ليست من هذه الأرض .. و إنما رمت
بها ظروف الحرمان ، من مسافات بعيدة ،
لتعيل أبا و أما قد شاخا في ركن كوخ في زاوية من هذا العالم .. تحت وقع الفقر و الحرمان .. جاءوا بها من شرق الأرض ،،
لتخدم المنعمين المترفين ..

و في ساعة الوصول ، تترجل السيدة “س”
و هي تستعجل الخطوات .. لتجلس في صدر المؤتمرين و المؤتمرات .. و تفتح
حقيبتها ، و تنظر في أوراقها و هي تقترب
من الميكروفون .. و تستهل حديثها :

يسرني أن نجتمع اليوم لأتحدث عن حقوق المراة و تمكينها…

مقالات ذات صلة

و يقفز في رأسي سؤال هل تعد تلك الشغالة المسكينة في عداد النساء …??

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى