صعوبة تغيير سلوك النواب / موسى العدوان

صعوبة تغيير سلوك النواب

مجالس النواب التي أعقبت مجلس النواب الحادي عشر عام 1989، أشبعنا نوابها على مر السنين، خطابات تنحاز في ظاهرها إلى مطالب الشعب وتدافع عن مصالحه في، ولكنها تقلب له ظهر المجنّ، عندما تزف ساعة الحقيقة للإدلاء بأصواتهم، فيتناسون كل وعودهم لناخبيهم وينحازون إلى الحكومات وقراراتها مهما كانت جائرة.

قد يقدم النواب على هذا السلوك بفعل وعود الحكومات في تحقيق مصالحهم الشخصية، أو تسديدا لدين سابق أدى إلى وصولهم تحت القبة، أو بفعل هاتف ساخن يَعِدُ أو يحذّر . . مما يقلب المواقف رأسا على عقب بين عشية وضحاها، حتى وإن كانت بعكس قناعاتهم.
وهذا الموقف يذكرني بالقصة الرمزية التالية : يقال بأن ثريا بذل جهدا مضنيا، في تعليم القطط حمل الشموع له على مائدة طعام العشاء. فجاء أحد ضيوفه الخبثاء ليختبر دقة المشهد، وكان يحمل في جيبه فأرا ثم أطلقه على المائدة. وسرعان ما انطلقت القطط وراءه، ورمت بالشموع على المائدة لتحرقها وتحرق كل ما كان حولها. فالصيد ثمين وكل قط يحاول الظفر به قبل غيره.

هذه الحادثة تنطبق على نوابنا في كل المجالس السابقة والحالية – إلا من رحم ربي – وهم الباحثون دائما عن مصالحهم، باعتبارها تسبق أية مصلحة أخرى. فالمرشحون للنيابة يلبسون عادة ثياب الملائكة أمام ناخبيهم ليكسبوا أصواتهم، وتجدهم يردون على المكالمات الهاتفية لأبسط الناس بكل أدب واحترام، إلى أن يتمكنوا من مواقعهم تحت القبة، وعندها يغيروا ثيابهم كما تغير الأفاعي ثيابها، فيغلقون هواتفهم ويتناسون وعودهم السابقة.

مقالات ذات صلة

وما تكاد الحكومة أو أي جهاز آخر، يعدهم بمكتسبات أخرى حتى ينطلقوا وراءه مهرولين، يفعلون ما فعلته القطط حاملة الشموع، ضاربين بعرض الحائط مبادئهم وكل وعودهم السابقة لناخبيهم.

ومن الواضح أن هناك صعوبة في تغيير سلوك النواب في المجالس المختلفة، إلاّ إذا أحسنا اختيارهم في المستقبل.

* * *

التعليق : تذكروا أيها الناخبون أنكم أنتم من جئتم بهؤلاء النواب إلى المجلس التشريعي الذي يفترض به أن يشرع ويراقب أعمال الحكومة ويحافظ على مصالح الشعب. فلا تلوموا النواب على أفعالهم في تناسى حقوقكم، وممارسة العراك والمباطحة، وتوزيع الكيك والتسالي، والتعرف على طبخة الملوخية، وتقديم الاستقالة الفردية ثم العودة عنها، والتنقل بين الكتل حسب المواقف، وغير ذلك مما يجري بكل أسف تحت قبة البرلمان.

لا تنسوا هذه المواقف أيها المواطنون في الانتخابات القادمة. فإذا أردتم الإصلاح لا تنحازوا للعائلة أو العشيرة أو البلدة بعيدا عن الكفاءة وترتكبوا سوء الاختيار، بل انتخبوا من يتقي الله فيكم وفي بلدكم، ويعمل لصاح الوطن، لكي ترتقوا به إلى مصاف الدول المتحضرة، بوجود من يمثلكم بأمانة وشرف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى