شيوع الفاحشة / د. هاشم غرايبه

شيوع الفاحشة
نشرت في وسائل الإعلام صورة لزوجات رؤساء دول حلف الناتو اللواتي يرافقن أزواجهن في اجتماعهم السنوي، وكان الأمر المستغرب وجود رجل بين جمع النساء هذا، ليتبين أن هذا الرجل هو (زوجة) رئيس وزراء لوكسمبرج.
تعرف الفاحشة على أنها الشيء المستقبح عملا أو قولاً، وتحديد المستقبح من المستحسن يعود الى معيار فطري معروف لكل البشر، لا اختلاف في تقييمه بين جميع المجتمعات مهما تباينت ثقافاتها وقيمها، وهو ذاته منذ القدم.
ممارسة الجنس هو استجابة لفطرة حفظ النوع التي فطرت عليها جميع الكائنات التي فيها الذكر والأنثى، وهدفها الوحيد التناسل والتكاثر، لكن الله أودع في هذه الكائنات محفزات لترغيبها بالقيام بتلك الممارسة، لذا فليس الهدف من تلك الممارسة الحصول على النشوة المصاحبة لها بل هي دافع للفعل.
لقد كرم الله الإنسان بأمور كثيرة منها أن فترة التزاوج لديه ليست موسمية كباقي الحيوانات، ويبدأ النضج الجنسي للذكر والإنثى مع النضج الجسدي والعقلي، وجعل الإرتباط بين الجنسين دائما في مؤسسة الأسرة لحضانة الأطفال والعناية بهم إلى أن يكبروا، لذلك جعل الزواج هو الفطرة الإنسانية المميزة التي تربط بين الذكر والأنثى، وهو المسار الوحيد لممارسة الجنس.
هكذا هي الفطرة تستحسن ممارسة الجنس في المؤسسة الزوجية، وتستقبحه خارجها، ولم توجد على مر التاريخ أن كانت هنالك عادات وتقاليد لأمة من الأمم مهما كان تخلفها أو تقدمها، خرجت عن ذلك أو خالفته.
المثلية هي خروج عن الفطرة، ويعود منشأها إلى أن الهرمونات تحدد المظاهر والمشاعر الجنسية عند البلوغ وتوجد في الجنسين، الذكرية منها في الذكر، والأنثوية في الأنثى، لكن هنالك نسبة ضئيلة من البشر قد يولدون ولديهم خلل هرموني، فقد تجد الهرمونات الأنثوية عند ذكر أكثر من الأنثوية، لذا تكون لديه الميول الأنثوية غالبة، وكذلك يمكن أن يحدث في الأنثى.
هذا الميل هو انحراف عن الطبيعة، لكنه لا يشكل ظاهرة اجتماعية، ومعالجته تتم طبيا وسلوكيا.
لكن السؤال: لماذا هو عند الغرب قضية تشغل المجتمع وتثير الخلافات؟
القضية كلها استثمار تجاري، وليست دفاعا عن حقوق المثليين، فالإتجار بالجنس تأتي في مرتبة تالية للإتجار بالمخدرات من حيث تحقيق الأرباح، وبعدما أصبحت عندهم حرية ممارسة الجنس الطبيعية من غير الزواج متاحة، بل ويعاقب من يمنع ابنته المراهقة منها، باتت عملية روتينية مملة، فابتكر المتاجرون بالأفلام الإباحية ومنتجات الجنس الأخرى، ابتكروا طرقا ووسائل جديدة تغري بالتجريب، منها جنس الشواذ ومواقعة الأطفال أو المسنين أو الحيوانات، وأحدثها الروبوتات، لكن أوسعها انتشارا هو المثلية بين الرجال.
ولما كانت القوى الخفية التي تتحكم بكل مفاصل الغرب هي المستثمر الأول في كل ما يربح، ولا يهمهم التفكك الأسري ولا فساد البنية الإجتماعية بقدر ما يهمهم تراكم الثروات الخرافية، لذلك ضغطت لإقرار التشريعات التي تشجع انتشار الفواحش لتوسيع دائرة مبيعاتهم.
هم لايريدون حرية ممارسة الشذوذ فقط بل إشاعته، ولذلك كان ظهور ذلك الرجل بين جمع الزوجات، من أجل إحداث صدمة للذوق العام، وتهيئته لما هو أفظع، ليموت الحس بالفحش ويتقبل القادم الأسوأ.
هنا نفهم لماذا كان اهتمام الشرع وتركيزه على خطورة إشاعة الفاحشة أكثر من فعلها بذاتها، لأن فعل الفاحشة بسرية يضر بالطرفين جسديا ونفسيا ويعرضهما لغضب رب العالمين، لكن إشاعة الفاحشة، علاوة على ذلك، يهدم المجتمعات ويفسدها، فلا تعود قابلة لللإصلاح، فلا حل إلا باجتثاها تماما كما فعل الله بقوم لوط.
لذلك قال تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى