شهرٌ للعبادةِ..أم للمُخدِرات ! / م. عبدالكريم أبو زنيمه

شهرٌ للعبادةِ..أم للمُخدِرات !

وَردَ في إحدى التقارير حولَ المُصنفات المرئية أنَّهُ تم عَرض ما يزيد عن (1900) لقطة ومشهد يدور حول تعاطي المخدرات في المُسلسلات التلفزيونية خلال شهر رمضان لهذا العام (2017) ، إضافةً لما يفوق هذا الرقم من مشاهد تخدش الحياء العام . وِوفقاً لإحدى النظريات في علم النَفس فإنَّ تِكرار مُشاهدة أي فعل يَجعله مُتقبلاً ومألوفاً ولو لَم يَكُن كذلك أصلاً ،
يا تُرى ماذا سيكون التأثير الناتج عَن عرض هكذا مشاهد تُعرض في المحطات التلفزيونية التي يُشاهدها الملايين وأغلبهم مِن الفئات الشابة ؟

سؤالٌ كبير يتوجب أنّ يُطرحَ هُنا ، وهو لماذا ؟ ولمصلحة مَن يتم ترويج تعاطي المخدرات ؟ ومن هم المستفيدون من هذه التجارة ؟ ألا تعود مُلكية أغلبية هذه القنوات لبُلدانٍ عربية تَدّعي الوصاية على الإسلام بل وعلى الأُمة الإسلامية بأكملها ، لماذا لا تُراعى حُرمة الشهرِ الفضيل ؟ ولماذا لا يتورع العاملين على هذه المُسلسات عَن الزجِ بمشاهد هابطة تتضمنُ تجمعات وسهرات ليلية بين الجنسين وما يحدُث فيها مِن تجاوزاتٍ أخلاقية وتعاطٍ للمُخدرات بأنواعها ؟ أيُعقل أن يتحولَ شهر العبادة إلى شَهرِ الترويج للعُهرِ والمُخدرات ؟
نظراً لغالبية أنظمة الحكم في الوطن العربي نجدها لا شعبية ولا دستورية ، وهي في قرارة تفكيرها وعمق فلسفة وجودها لا تأمن شعوبها ، وبذلكَ نلحظ مَدى إرتكازها على الأجهزةِ الأمنية المعنية بحمايتها ، فتُغدق عليها نسبةً كبيرةً من موازناتها المالية ، تاركةً لها حُرية التصرف في الشؤونِ الشعبية وحُرية السلب والنهب والفساد . إضافةً لما سَبق ، تلجأ هذه الأنظمة المهزوزة إلى القوى الأجنبية لحماية عروشها ، مما يُتيح المجال لتلك القوى أن تستبيح الأوطان وأن تُصادر سيادتها ، جميعُ ما سَبق أغرقَ مُعظم الدول العربية في وَحل المديونية وأعاقَ عَجلة نموّها الإقتصادي ، ما أدى إلى تفاقُم مُشكلة البطالة والتي تقود بدورها إلى غياهبِ الفقرِ والجهل الذان يلعبانِ دوراً أساسياً في ولادة المشاكل الإجتماعية والأخلاقية ، كما أنهما يخلقان سخطاً شعبياً على السُلطة ويزيدان من حجم الفجوة ما بين السُلطةِ والشعب .
أمام عجز الأنظمة عن تلبيةِ مطالبِ شعوبها ، وتبعيتها للقوى الأجنبية فقد عَمدت إلى سياسة تجهيلِ الشُعوبِ وتغريبها عن مُعتقداتِها وثقافتها وتاريخها وهويتها الوطنية باللجوءِ إلى تَسطيحِ المناهج وطمسِ الثقافة الوطنية وإحلال ثقافة العُري والجهلِ والتخلُفِ واليأس ، مُستعينةً بالخبرات العالمية في صناعة الدعاية والترويج لما هو قذر وسيء ومنافٍ لأخلاقنا وتاريخنا وعقيدتنا ، فمن تلك الدعايات المُبطنة والتي تَصب سُمها في لاوعي المُشاهد ،هي تَصوير حياة تاجر المُخدرات فاحش الثراء الغارق في الملذات والمَسرات ، حتى أصبح الوصول إلى إمبراطورية المُخدرات حُلُماً يُداعب خيال الكثير من الشبابِ للأسف ! تتولى الأنظمة العربية التابعة للغربِ الإستعماري رعاية إستمرارية وتوّسع رُقعة إمبراطورية المُخدرات ، والإشراف المُنسق على تدميرِ مُستقبل الشباب العربي بعدة طُرق منها بَثُ سُموم الفِتنة المذهبية لتتكاملَ الأدوارُ بينَ المُخدرات ، الجهل والتطرف لتحيا إسرائيل ، والدليلُ على ذلكَ واضحٌ وجَلي إذ هل يُعقل أنَّ تعجزَ الأنظمةُ الإستخباراتية التي توّثق وتُراقب كُل كبيرة وصغيرة عن المواطن العربي ، هَل يُعقل أن تَعجز عن مَعرفة ومُلاحقة تُجار المُخدرات التي أصبحت تُباعُ في الكثير من أكشاكِ القهوة على قارعة الطريق ومقاهي الارجيلة والجامعات علناً !

aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى