شهادة ميلاد الحرية ..

مقال الاثنين 13-3-3017
النص الأصلي
شهادة ميلاد الحرية ..
أخيراً أنهى البطل أحمد الدقامسة محكوميته في السجن ،وخرج للحياة من جديد…أخيراً تقلّص رحم السجن المظلم ،فتألم أحمد ، وقف يلامس بكفيه الجدران الخشنة، وفي لحظة الصفر التي انتظرها طويلاً، يُفتح باب الميلاد الثاني فتزقزق كل العصافير معلنة مولد العمر الجديد…
في الولادة الأولى صرخ أحمد الدقامسة لا ارادياً من قسوة ما ينتظره، وفي موعد الولادة الثاني ابتسمت الشمس ورُشّت زغاريد “الإبدريات” كنوّار اللوز فوق رأس البطل ،هتفت باسمه عصافير البلد وأوراق الخوخ الرقيقة التي تفتحت للتو مع موعد خروجه الليلي ، اليوم ترك “الرحم”الإسمنتي موّدعاً ، مفارقاً كل الحيطان الرفيقة التي حمته وسلّته واخفت ظله أثناء القلق الليلي في ليالي الصيف الطويلة..
هذا اليوم ، سنكتبه بدموعنا وشموعنا في سجل الأحوال الوطنية..سنصدر شهادة ميلاد الحرية لأحمد الدقامسة ، نسطّرها بأصابعنا ونكتبها هكذا…تاريخ الولادة 12/3/2017 مكان الولادة: اربد ، الجنس :بطل. اسم الأم : الكرامة ، اسم الأب :الأردن..رقم القيد مكان القيد..لا مكان ولا رقم للقيد فقد كسرها البطل بعشرين سنة مضت بسلحفائية مرعبة أنهكت قلب الأم وأثقلت جفون الزوجة المشدودة نحو بوابة الدار…صدرت هذه الشهادة عن الشعب الحرّ…
***
منذ اليوم لن يكون أحمد الدقامسة وحيداً مع صحونه الثلاثة وكاس الشاي الفاتر ، اليوم سيرأس المائدة بعد غياب دام عشرين سنة ، اليوم سيأكل خبزاً ساخناً وزيتون الدار وزيت الكرم ، ستكون المدفأة قريبة جداً منه ، وبرواز صوره تملأ غرفة الاستقبال، اليوم سيرى بيته المنسي منذ عقدين سيرى العريشة والدالية الطفلة التي كانت بعمر نور ،اليوم سينظر في عيون أولاده دون أن يخشى انتهاء موعد الزيارة أو نحنحة السجان ، اليوم سيرى أطراف الشيب الخفيف قد تسلل من شال زوجته فتخفيها على عجل…اليوم سيضع رأسه طويلاً على ركبة الحجّة “أم احمد” ويقول لها بكل براءة الرجولة تعّبتك معي يمّه…تعبن هالرجلين قد ما زارني وركّضن وراي من سجن لسجن يمّه ،وصار وقت أقضي العمر أخدمهم…اليوم سيستمع الى سقوط حبات المسبحة الواحدة تلو الأخرى كما كان يسقط المطر على سقف السجن الموحش..اليوم سيبزغ لأحمد الدقامسة أجنحة من فجر جديد..لن يرى بعد اليوم الدهان المقشور في سجنه ولا تعرجات الشقوق ولا النمل الصديق ، ولا ظلال الأجساد على الحيطان ولا كتابات الشوق للحرية ، لن يسمع طقّات الباب المؤلمة وانسحابات السلاسل على القضبان…اليوم سيتوسّد ابدر كلها تحت رأسه ، يغطي حلمه المتعب بشال أمه…اليوم ميلاد الحرية ، اليوم ميلاد البطل…فدعوه يرتاح على ذراع المنتظرين…فالحمل ثقيل والحلم طويل!

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. مثل مغترب لما يرجع لبلده بعد ما اعتذرت الغربة عن عمره اللي انسرق, يرجع ويشوف ربيع بلاده كأنه أول مرة يشوفه. منظر محروم منه كثير من اخوانا واخواتنا الفلسطينيين. منحزن للموت بس مش مثل أب انحرم من انه يودّع ولاده وبناته لأنه ما عرف انه في صهيوني رح يغتالهم غدر ومش رح يشوفهم غير كم ساعة بالحلم وهو نايم, منحزن للقتل وين ولمين ما كان بس مش قد حزن أم زغرتت والدموع سابقة زغاريتها على شباب وبنات بعمر الورد كانوا أمل الربيع وانسرق عمرهم. منحزن على عائلات ما ضل منها حدا يحزن على حدا او يشتاق لحدا. نعم لسه منحزن للقتل, ونعم ما كنّا من محترفي انتظار الموت والقهر, ولكن الموت صار دولة المحتل اللي ما رح يتصرف إلا بصفته وطبعه قدام اي انسان بيقاوم وبدافع عن حقه وارضه واهله. الله يعوّض كل مظلوم خير, وينتقم من كل ظالم على قد ظلمه.

  2. الحياه موقف .. بغض النظر عن ضروف ما قام به و من وجهات النظر المتباينه حيال ذلك .. كان له موقف و عبر عنه و تحمل تبعا لذلك ما تحمل .. لقد قام بشيء حسب إدراكه للحظة الحادث بشيء يعجز عنه كل مناضلين الورق و كل تجار الوطنيّه و كل زبانية التحرير .. طوبا لكل من حمل السلاح في وجه الاستعمار .. طوبا لكل ام و زوجه و طفل صبر و تحمل الم الفراق .. طوبا لكل من صدق الله بقلبه و بعمله

  3. كل ما فعله الدقامسه هو انه اذاق قتلة الابرياء كأسا صغيرا من الدماء ,, فاصبح في زمن الذل والهوان أسمه للكرامة عنوان…..!

  4. حتى السماء زفته على أنغام المطر ….
    ربيعك هذا العام مختلف يا وطني …شهيق وزفير البطل حر بلا حواجز ولا حيطان ولا ليل طويل …

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى