شكراً لوعيكم..

مقال الثلاثاء 27-9-2016
النص الأصلي
شكراً لوعيكم..
أينما وضعت إصبعك على الجرح فثمة وجع ..وجع الحديث، وجع التفكير، وجع الاختلاف ،وجع التعبير ،ووجع المصير…وربما يعد ضرباً من الجنون أن تلمس الألم لحظة السقوط لتعالجه فالصراخ أعلى بكثير من التشخيص..لذا قررت أول أمس إغلاق كل صفحات التواصل…لأتواصل مع نفسي..
لمَ كلما زاد انفتاح التواصل الاجتماعي، زاد الانغلاق الفكري، لم صرنا نميل للكراهية بشكل مفرط أكثر من أية سنوات خلت ، لم أصبحنا اقصائيين، نزقين ،مشككين، استعلائيين، محرّضين بشكل مرعب ..والكلام هنا عن كل الأطياف والفرق السياسية والأعمار من “اقصى اليمين الى اقصى اليسار ” من السلفية المتطرّفة الى العلمانية الأكثر تطرفاً، من طفل عمره عشر سنوات الى كهل من المفترض انه تشّرب كل الحكمة … لمَ يحاول كل منا اختطاف الوطن والوطنية والمفهومية والتنوير والهروب به بحجة “الحرية” والثقافة، والأكثرية ، والعشائرية، لم يحاول كل منّا ان يستأثر “العقل” بثوبه كما الحجر الأسود ليتسيّد على الآخرين ويمحوهم من تنوعه الاجتماعي وحقهم في العيش والتعبير .. سأترك التساؤلات الكبيرة ليبرد الجرح قليلاً وليترتب الدماغ المائج بالعواطف قليلاً، فالانفعال لا يقطف ثمار الاجابة…
برغم حجم الوجع و الإحباط والقلق ..الا أنني أحسست بضوء في أول النفق لا في آخره..شخصياً رأيت في عشيرة آل حتّر الكرام – التي تجمعني بكثير منهم صداقات قديمة وعلاقات تتجاوز حد الأخوة – تحضّراً، وتعقلاً ، ومدنية، تشبه وجه الوطن الحقيقي ، لم ارها من قبل في حوادث سابقة لكثير من العشائر الأردنية…كل الناس انشغلت في حادث اطلاق النار ، ومواقف ناهض حتر المثيرة للجدل ، والنبش عن هوية الجاني وتاريخه وارتباطاته ، وساعة القتل، وافادات شهود العيان، ونوع السلاح …بينما كنت أتأمل السلوك الرائع والتصرّف الحكيم والعظيم الذي كانت تقوم به عشائر الفحيص جمعاء ، حيث لم يكسر شباكاً، ولم تحرق شجرة ،ولم يغلق طريقاً،ولم ينجروا لفتنة ، ولم يتهجموا على سكينة بريء… اجتمعوا في “ديوانهم” وأعلنوا احتجاجهم الحضاري المدني الراقي…برأيي كان يجب ان يسلّط الضوء هنا على وجه الأردن الجميل لا على مسرح الجريمة البشع…أول أمس مات ناهض ، فولد بيننا أمل أن التغيير ممكن والقانون يليق بنا ان نحن احترمناه ..
آل حتر …شكراً لوعيكم، شكراً لرقيّكم، شكراً لأنكم أعدتم ثقتنا بأنفسنا…وسطّرتم صفحة جديدة في الوعي الاجتماعي…
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫10 تعليقات

  1. احمد حسن الزعبي .. رائع انت كما عودتنا .. جميلٌ كآل حتر الكرام .. حفظ الله لنا هذا القلم البديع وحفظ وطننا الغالي .. مع فائق محبتي وتقديري واحترامي لآل حتر الكرام الذين يشكلون مع باقي اخوتنا المسيحيين جزءاً عزيزاً من نسيج مجتمعنا الأردني الأصيل

  2. أنت كما عودتنا استاذ أحمد بإبداعك واحترامك للآخرين ونظرتك الأيجابية دائماً للأمور . كل يوم تزيدنا ثقة بأن هذا الوطن معطاء ويستحق منا الوقوف دوماً الى جانبه وفي كل المحن . تحياتنا لآل حتر الكرام . دام ابداعك .. دام قلمك وقلبك الطيب .

  3. القلم الحر المخلص لوطنه وامته هو القلم الذي يشيد بالوحده وينبذ الفرقه .. هو الذي يشيرالى السلبيات ويعظم الايجابيات .. وهو الذي يضيء على الاساءات ويبرز الاخلاقيات .. احسنت … !

  4. الاستاذ المبدع احمد حسن الزعبي انت تتكلم بلسان حال كل الشرفاء المتحضرين في هذا الوطن العظيم الذي قضى الكاتب الاستاذ ناهض حتر وهو يدافع عنة . لكم منا ال حتر الاعزاء كل الاحترام والاجلال .

  5. تتوالى اﻷحداث سراعا … ما عاد القلم يفي كل حدث بعض حقه… لم يكن توقيت استشهادك مناسبا يا سعيد العمرو .. لم يتناسب مع توقيت الحبر المتدفق لتغطية أحداث وطني اﻷهم من عطر روحك … رحمك الله يا سعيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى