.مطرق دفلى

[review]الأربعاء 7-4-2010

انتظرنا جميعاً أمام بوابة المدرسة، بعضنا اتخذ الحجارة الكبيرة مقعداً له ،وبعضنا الاخر فضّل الوقوف.."هه أجا"!! كان المعلّم يطلقها كلما لمح "بكم ديانا" يقترب نحو المدرسة فيقف الجالسون ويتأهب الواقفون …يراقبه عن كثب كشرطي سير ، يدقق في وجه السائق ثم يقول لأ "مش هو"!! ثم يجلس الذين وقفوا ويرتخي الذين تأهبوا..وبعد دقائق يلمح بكم آخر : "هه أجا"..نقف ونتأهب من جديد..ثم "نفشّ"..عندما يقول "لأ مش هو"..

في الصف الرابع كانت اول رحلة صفية نقوم بها..حيث صعّدونا كامل الشعبة 37 طالباً الى صندوق "بكم ديانا"أخضر ..وجلس مربي الصف وابنه بجانب السائق..متوجّهين الى منطقة الشلالة التي تبعد 5 كم عن المدرسة..طوال الطريق المستمرة 15دقيقة..لم اتمكن من اصطياد نظرة واحدة من بين خشبات "الصندوق" فقد احتل محيط البكم طلأب أقوياء أشداء..وبقيت انا اتفرج على السماء فقط وأختلس النظر كلما سنحت لي الفرصة من بين "آباطهم" وبين سيقانهم لآخذ فكرة عن تضاريس الطريق…
نزلنا مثل الخراف..وانطلقنا جميعاً الى أول شجرة على جانب الطريق الرئيس وبدأنا بفتح حقائبنا المحشوة بالبيض المسلوق والزيتون واكياس الحمص بتزاحم وعجلة..بينما كانت تمر السيارات مسرعة من امامنا "وزّززز" وأحياناً صهاريج نضح ورؤوس "تريلات"..ويطلق بعض الآباء زوامير لأبنائهم المرتحلين…وباقي السيارات يزمرون لنا أو علينا لا أذكر..لكن أذكر ان المعلّم نهرنا على رعونتنا ..وطلب منا ان نقوم من مكاننا ..فالرحلة لم تبدأ بعد..مشينا اقل من 20 متراً ، اختار لنا شجرة مشابهه للشجرة الأولى وأمرنا نحن ال37 بتناول الفطور تحت تلك الشجرة فقد بدأت الرحلة حسبما أخبرنا..
بعد ان انتهينا…مضى بينا 50 متراً اضافية وهو يمسك بيد ابنه البكر..ثم امرنا بالاصطفاف على حافة مرتفع..وقال : شايفين…هذيييييييييييك الشلالة…!!!…أنا لم ار شيئاً…فقط قلت كما يقول الأولاد: " يا الله!!! يسعد رب الشلالة "…ثم امرنا بالالتفاف للخلف..وانتظار البكم ليرجعنا الى بيوتنا…في هذه الأثناء ..شاهدت بعض الأولاد يقطعون "مطارق" من الدفلى يتبارزون بها ويتعكزون عليها لحين قدوم "البكم"..ففعلت مثلهم..جرّدت "مطرقا" طويلاً من ورقه ، حسمته كرمح ..ثم تعكّزت عليه…لحظة جاء البكم الأخضر بتهادٍ ورزانة…صعّدونا جميعاً "بمطارقنا" ، وبقيت اختلس النظر من بين الآباط والسيقان النحيلة لأعرف تضاريس طريقي… وبحمد الله عدنا سالمين الى بيوتنا قبل آذان الظهر…سُئلت في البيت ماذا شاهدتهم في الشلالة قلت: آباط، سيقان، ودفلى..
**
منذ ربع قرن وأنا أتعكّز على "مطرق دفلى" كلما خانني الانبساط..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى