زخم وزارة الثقافة / د.رياض ياسين

زخم وزارة الثقافة

محظوظة وزارة الثقافة الاردنية بوجود وزير دبلوماسي محترف،صحيح ان الدبلوماسية مطلوبة في أي عمل عام ،غير أن الدبلوماسية التي نحن بصددها مغايرة للمعنى البسيط المباشر الذي يتبادر للأذهان،فوجود وزير محترف ومهني في السياسة والدبلوماسية على رأس وزارة الثقافة من شأنه أن يثري عمل المؤسسة التي تحتاج دوما لعمق أكبر ورؤية تتجاوز المألوف للدور التقليدي لهذه المؤسسة التي همشت او همشها من لايعرفون إدارة العمل الثقافي ولايمتون بصلة له.

وزارة الثقافة لم تصنف ضمن الوزارات الرئيسية،فهي ليست وزارة سيادية، كذلك هي ليست وزارة خدماتية بالمعنى الحقيقي للكلمة،وربما يقول قائل هي وزارة خدماتية ضمن نطاق ضيق باعتبارها تتولى التعامل مع نخب مجتمعية لها تأثير على المجتمع فهي بهذا المعنى تنسحب بمهمتها لخدمة المجتمع عموما.

مؤخرا باتت وزارة الثقافة تبحث عن دور أكثر اتساعا على الصعيد الاجتماعي،ومن هنا نقرأ تبنيها لأفكار من مثل فكرة المدن الثقافية الأردنية وفكرة مكتبة الاسرة،الامر الذي يجعل المهمة تنحو منحى أقرب الى الشعبوية بما يتجاوز النخبوية التي كانت سببا في تقوقع وتهميش الثقافة كمؤسسة رسمية لفترة طويلة نسبيا. وهنا من المهم القول أن مد المهمة باتجاه المجتمع المحلي يعد قفزة نوعية تعزز الرسالة الوطنية وتنهض بالمجتمع فالمسؤولية الثقافية هي في إخراج الثقافة من عباءة النخب الى الشرائح المجتمعية الاخرى على اختلاف تلوناتها.

مقالات ذات صلة

لكن هذا التوجه يفترض أن يتوازى مع الاهتمام في بعث وإحياء عشرات الاتفاقيات والبروتوكولات والتفاهمات الثقافية التي صادقت عليها الاردن من خلال وزارة الثقافة،ومن هنا نعلق الجرس امام الوزير الجديد المحترف الدبلوماسي لنعبر مرة أخرى من خلالها الى العالم ،فالالتزامات الدولية تبدأ مع المصادقة على هذه الاتفاقيات والتفاهمات من حيث إثراء الثقافة الوطنية وابراز صورتها عالميا بما يرسخ الدولة ويساعد في رسم صورتها الحضارية،كما أن من المهم مراجعة الاتفاقيات والتفاهمات التي صادقت هليها الاردن لزوما قبل أن نقوم بالمصادقة على اتفاقات وتفاهمات جديدة حتى لانغرق في فوضى تعثر الادوار نتيجة الالتزامات غير المدروسة.

وفي سياق قريب يتماهى مع توجه النهج الاردني في الانفتاح على العالم والثقافات الانسانية،ومن زاوية ان هذا العام 2017 ستكون فيه عمان عاصمة للثقافة الاسلامية فإن ذلك سيكون فرصة ذهبية لتعميم الخطاب والرسالة الاسلاميتين وإعادة فكرة تقديم العاصمة الإسلامية من خلال أصالة مدينة عمان وهويتها الحضارية التي تعكس أصالة المدينة العربية الإسلامية، ومن هنا فإن المهمة ستكون جليلة امام وزارة الثقافة لترسخ هذا البعد الهام.

انطلاقاً من تتبع مفهوم السياسات الثقافية والحرص على تبني مفهوم جديد للسياسة الثقافية مختلف عن المفاهيم التقليدية، من المفترض ان تقوم السياسة الثقافية على توسيع مفهوم الثقافة والعمل الثقافي والاخذ بعين الاعتبار ثقافة الاخر من خلال الانفتاح ومأسسة العمل الثقافي واشراك الجميع في صياغة هوية الثقافة، فهناك فئات كبيرة داخل المجتمعات مجهولة الدور والفعالية في العمل الثقافي مثل الطفل والمرأة،الى جانب أقليات لها طابع ثقافي مغاير لمجموع المجتمع فهي بهذا المعنى فئات مهمشة من اكثر من زاوية.

ومن هنا يفترض إعادة النظر في دور الدولة ليس بوصفه دوراً احادياً بل اساسياً ويمكن هنا الاشارة الى دور الدولة في السياسة الثقافية من خلال وضع التشريعات التي يفترض ان تكون مرنه بحيث تراعي الاتفاقات الدولية والتي على رأسها حماية التراث والممتلكات الثقافية وضمان حمايتها قانونياً، كذلك العمل على بناء ما يسمى “الدبلوماسية الثقافية” فالعلاقات الدولية الحسنة تثري وتعزز التبادل الثقافي وتصب في تعزيز تحسين صورة الدولة وعلاقتها بالاخرين.
rhyasen@!hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى