رموه على قارعة الطريق مكسورًا مجروحًا .. العقوق الى متى؟

سواليف

قبل سنوات بلغت الـ 40، كان هناك منزل غمرته الفرحة وعمت المباركات والتهاني بقدوم الاولاد وعمارة البيت لاسيما اذا كان المولود ذكرا تنهال الابتهالات الى الله بعطية الخالق فهم السند وهم الذخر للايام الخوالي للكبر والتعب للمرض «مبروك جاء ولد».
هي فرحة ونعمة ورزق فلا يعلو قول فوق قول الحق في كتابه العزيز «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا « صدق الله العظيم.
يشقى ويتعب ليؤمن لاولاده ذكورا واناثا، لقمة العيش الكريم والملابس النظيفة والمنزل الدافئ شتاء، فرح بانهائهم الدراسة .. ضحك معهم وضمهم اليه، في حزنهم هو الاب، وهل هناك سند اقوى من الاب ؟ من منا يستطيع ان ينسى هذه الكلمة وهل يمكن ان ينسى احد طعم المرار بفقده، هو الاب سند الروح والحياة، هو الصديق والحبيب.
ايام تدور ليأتي الينا مكسورا يشكو الى الله اولا ولنا ثانيا عقوق الابناء والبنات، كسير القلب ضعيف البنيان جريح الروح ومن قتل فيه الروح ؟ الاولاد والبنات.
منذ ثمانية عشر شهرا رموه خارج البيت، طردوه، ذهبت الرحمة من القلوب وظهر الشيطان في النفوس، نفوس بعدت عن الله فابعدها حتى باتت هي الشيطان الرجيم.
دفأهم شتاء وتركوه رجيف البدن شتاء!، امن لهم ملبسهم وطعامهم فرموه على قارعة الطريق لا كساء ولاطعام !، امتدت يده لهم اياما واياما وسنوات وسنوات لمسح دمعة او حزن وامتدت يدهم بالضرب والايذاء !، موجوعا، جاء ومحروقا، قال ضربني ابني في الشارع امام الناس ويكشف عن رجله الموجوعة والمه النفسي اكبر من المه الجسدي، يعيش في باص على قارعة الطريق وهو في الرابعة والستين من عمره، في العمر الذي اعتقد ان ذخيرته وراس المال من الابناء سيكونون العون له.
اي حال وصلنا اليه واي وضع وتفكك بات يعيش بيننا، كيف يمكن ان يعقل هذا في مجتمع عنوانه التماسك .. عنوانه الاسرة وضميره الام والاب.
ما الذي يجعل ابناء ستة يتخلون عن ابيهم لاي سبب، من اين تاتي هذه القسوة، هل تغيرنا لدرجة بتنا فيها اشقياء حتى على من وهبونا الحياة، كيف يمكن لابن ان يضرب اباه ولبنت ان تتطاول عليه وتبصق في وجه الحليم، اين نحن ؟ سؤال يجب ان نتوقف عنده قليلا، كل فئات المجتمع من ابناء وبنات، من امهات واباء، من حكومة ومؤسسات، من رجال دين .
علينا نحن كمجتمع ان ننتبه لهذه الحادثة، ظاهرة يطل علينا منها الكثير، علينا ان نستفيق لشياطين بيننا، علينا ان نتنبه الى ان المجتمع يتغير بطريقة غريبة، فالكثير بات بلا قيم ولا اخلاق ولا ضمير، لابد من وقفة نسأل: الا يحتاج هؤلاء الى عقوبات مغلظة في القوانين؟ الا يحتاج هؤلاء الى عقوبات مغلظة من المجتمع دون رحمة ؟ فلا عذر في العقوق ولاعذر لمن يرمي اباه او امه .. لا عذر.
قصة ليست الاولى ولا الاخيرة ولن نختمها الا بقول الحق «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا،وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا «
فهو امر الله ألزمنا وأوجب ان نعبده مفردا في العبادة وأمر بالإحسان إلى الأب والأم، وبخاصة حالةُ الشيخوخة، فلا تضجر ولا تستثقل شيئًا تراه من أحدهما أو منهما، ولا تسمعهما قولا سيئًا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، ولكن ارفق بهما، وقل لهما -دائما- قولا لينًا لطيفًا.

الدستور

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى