رسالة من عمان القديمة إلى الجديدة / د.أيوب أبودية

رسالة من عمان القديمة إلى الجديدة

يتعجب المرء عند السير على أرصفة تقابل بنايات حديثة واقعة على شوارع رئيسية لأنها غير مستوية وفيها حفر ومطبات ومبلطة ببقايا بلاط سيراميك فائض عن حاجة المشروع؛ فلماذا لا تتم صيانة الأرصفة على حساب أصحاب القطع للشوارع الرئيسية تحديداً حتى يسهلوا حركة المشاة من منطقة الى اخرى للتخفيض من استخدام المركبات. أما من يعجز عن صيانة أو تبليط الرصيف مقابل قطعته أو دكانه أو بيته فتقوم الأمانة بإنشائه أو صيانته على حسابه الخاص ويضاف إلى التكلفة بدل أتعاب ليصبح دخلاً للأمانة .وهذا أصلاً كان معمولا به قبل سنوات عندما طلب من أصحاب القطع الخلاء أن يقوموا بوضع سور على أرضهم لمنع انجراف الأتربة الى الشوارع العامة وإغلاق مناهل تصريف مياه الأمطار .إذ نأمل أن يتم تصحيح ذلك قبل الذهاب إلى عمان الجديدة.
القضية الأخرى وهي قضية تنظيم حركة المرور داخل عمّان خلال أوقات الأزمة, فنحن نتعجب ايضا لعدم القدرة على انجاز ما يلي :
أولاً: تنظيم حركة حاويات النفايات بحيث تعمل خلال الليل وحتى الصباح الباكر ..
ثانياً: منع الآليات الثقيلة والمركبات الإنشائية من التحرك في عمّان كما هو أصلاً مفروض بطبيعة الحال , وبخاصة ناقلات النفط والآليات الإنشائية الأخرى.ويسمح للشاحنات العمل ليلا بتصاريح خاصة وحسب الحاجة .
ثالثاً: المركبات الكبيرة التي تقوم بتزويد الأماكن التجارية بالمواد الغذائية, يمنع حركتها في فترات اشتداد الأزمة منعاً باتاً تحت طائلة الحجز , لأننا نرى ماذا يحدث على الشوارع الرئيسية عندما تقف الشاحنات المتوسطة لتنزيل زجاجات المشروبات الغازية أو المواد الغذائية, ونرى كذلك حجم الأزمة التي تخلقها في غياب الرقابة والتقاعس, فما الذي يمنع تموين المتاجر اثناء الليل حتى السادسة صباحا.
رابعاً: منع الوقوف على الشوارع الرئيسية منعاً باتاً ووضع كاميرات للمراقبة, فلا يعقل ان تقف المركبات على شارع بمسربين ويظل مسربا واحدا يعمل .
خامساً: نقل الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تشغل بنايات على شوارع رئيسية وإبعادها عن هذه المواقع؛ فعلى سبيل المثال وزارة التنمية السياسية في وادي صقرة أصبحت مجاورة الآن لمبنى صندوق الائتمان العسكري حيث تشهد المنطقة ازدحاماً. وأيضاً تقع محكمة شمال عمّان على شارع الجامعة الرئيسي وتخلق أزمة لا توصف , وينطبق ذلك على كافة المواقع الرسمية الواقعةعلى الشوارع المزدحمة إذ يجب نقلها في أقرب وقت وعدم تجديد عقودها.
سادساً: حظر المركبات الخصوصية من دخول بعض الشوارع المزدحمة في عمّان خلال ساعات معينة إلا بموجب ترخيص إلكتروني, كما هي الحال في الإمارات العربية المتحدة تحت طائلة المخالفة والحجز ,وكما هي الحال في لندن وغيرها من العواصم العالمية, فهناك مناطق لا تستطيع المركبات الخاصة دخولها إلا بترخيص ، وهذا سوف يحفز من تشارك بعض الأشخاص لاستخدام المركبات العامة للوصول إلى اماكن عملهم في غياب الدولة عن تنظيم وسائل النقل المنتظمة، فنكون قد رفعنا من دخل سائقي العمومي وخفضنا نفقات التنقل الى العمل باقل عدد من المركبات العامة على الطرقات.
سابعاً: تشجيع المؤسسات العامة والخاصة الكبيرة لتوفير وسائل نقل عامة لموظفيها ، فلا يعقل أن يأتي اربعون موظفاً على وزارة ما من السلط باربعين سيارة خاصة ، فضلا عن اربعين موظفا من نفس الوزارة ياتون من إربد ومثلهم من مأدبا، وهكذا. فإذا قمنا بتوفير ثلاثة باصات لتحقيق هذه الغاية نكون قد خلقنا فرص عمل للسائقين وخفضنا تكلفة التنقل والتلوث وشدة الازدحام .
ثامناً: منع تجول الباعة المتجولين ومركبات بيع الخضار وبيع الأدوات المستعملة وخلافه التي ما تزال تنتشر في الطرقات المزدحمة وتعيق حركة المرور ولا نجد جهة مسؤولة تقوم بواجبها للحد من هذه الظاهرة
تاسعاً: وضع خطة لتبديل الباصات الضخمة القبيحة التي تنفث السموم من عوادمها وتصدر أصواتا مرعبة وتخلق أزمة سير وازدحاما في الشوارع والطرقات ،إذ يجب استبدالها بمركبات خفيفة كهربائية لا تصدر إزعاجاً ولا تلويثاً للهواء،كي تخفف من أزمة السير وتخدم المواطن بطريقة أفضل ،بحيث تلتزم بالمواقف الخاصة بها وتلتزم بوصولها إلى تلك المواقف باوقات منتظمة الأمر الذي سوف يشجع من استخدام وسائط النقل العامة.
عاشراً:وفي ضوء إدارة حركة السير السالف ذكرها بإمكاننا تحويل الشارع الوسطي الذي خصص للباص السريع ليصبح ممراً للمشاة بين صويلح والمحطة، هذا الطريق الحيوي الذي من شأنه أن يخصص كمكان للمشاة و للدراجات أيضاً بحيث يصبح متنفساً لأهل عمّان، ونعتقد انه سوف تكون نتائجه صحية على المجتمع وتغدو نتائجه إيجابية نفسياً واجتماعيا على طلبة الجامعة والموظفين على حد سواء ، وذلك تمهيداً لخلق ثقافة جديدة لدى كافة فئات المجتمع باستخدام الدرجات الهوائية والسير على الأقدام بدلاً من الدرجات النارية التي بدأت أصداء أصواتها ترهق أعصاب القاطنين في عمّان،والتي باتت هي نفسها تشكل خطراً كبيراً على سائقيها عبر شوارع عمّان المعقدة وطرقاتها المهترئة التي لا يمكن التنبؤ بمزاج السائقين عليها حيث تشير الاحصاءات الاخيرة ان احتمالية اصابة سائقي الدرجات اكثر من 64 مرة من احتمالية اصابة سائقي المركبة العادية .
هذا مضمون رسالة عمان القديمة التي تأمل أن تكون فكرة العاصمة الجديدة ليست هروبا من الفشل المتراكم في إدارة القديمة التي نعشقهاِ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى