رسالة بين توأم مغادرين / علي شتيات

رسالة بين توأم مغادرين

من بوابة “المغادرون” في مطار فيينا سترحل… ربما تعود إلى هنا ذات مرة،
ولكن تذكر حينها أخر ليلة قضيتها هنا..
تذكر تلك الليلة السعيدة الشاحبة، تلك الليلة الماطرة كانت كأنها تذرف الدموع حزنا على رحيلك،
تذكر وجه السماء ليلتها، كيف كانت معلنة حدادها على رحيلك بإخفاء نجومها، تذكر كيف بدا الجو عاصفاً هائجأ يزمجر ويضرب بسيفه فيينا بأكملها، كأنه سيفقد أبنها البار عند رحيلك،تذكر أخر جرعة أكسجين اهديتها لي في تلك الليلة!!!.
تذكر أيضاً تلك العجوز التي سكنتَ بيتها لخمس أعوام،تلك الشجرة المعمرة التي فقدت زوجها في الحرب وبقيت مخلصة حتى تجاوزت الثمانينيات من عبقها، تذكر حنانها عليك، و تعلمها للطبخ العربي لكي لا تحس بالغربة، تذكر كيف كانت تسهر حتى عودتك كأنك أبنها!!
تذكر ذلك الكوب الذي اهديتك اياه في أول سنة لك هنا ..
وتذكر ماذا أخبرتني يومها… قلت لي أنك لن تغادر ‘فيينا’ أبداً،
تذكر اول كلمة دارت بيننا… تلك الكلمة التي رميتها على بابي بعد شهر من وصولك “أانتِ هنا” لم تكن قد تعودت بعد على تحدث الانجليزية دون تفكير .
لا تتذكرني .. فانا الان سأطوق أبواب شقتك في فيينا بالزهور..وسأرحل عن فيينا بعد أن تموت تلك الزهور..
وسأذهب إلى فينيسيا ليس لانها مدينة العشاق ولكن سأذهب هناك لأنك احببت فينيسيا قبل أن تراها وأنا أحببتها لأنك لم تستطع الذهاب إليها.
عد إلى وطنك الان.. فأنا سأرقد في فينيسيا حتى النهاية ..
عد وخذ معك هذه الابيات الدرويشية ..

سَلامٌ للذين أحبُّهم عبثاً
سَلامٌ للذين يضيئهم جرحي
سَلامٌ للهواءِ.. وللهواء

#علي_اشتيات

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى