رجعت الشتوية / أحمد المثاني

رجعت الشتوية . .

.. بعد أن و دعنا الخريف بتقلب الأحوال .. و بعد أن نجح بتعرية الأشجار من خضرة أثوابها ، و صبغ مسالك الغابة بالصُّفرة بعد أن فرشها بأوراق الشجر الشاحبة و المرتجفة.. و بعد أن تقاصر النهار ، و تعجلت شمس النهار بالرحيل ، خلف الأفق البعيد ، تاركة أثر خيوطها على حواف الغيم الشاحب ..

.. بعد كل ذلك ، تطل نسائم موسم الخير ،، و تهل بشائر الغيث ،، إنه الشتاء .. قادم يدق أبوابنا و نوافذنا .. و يطبق على المدينة ، ليغسل ما علق بها من خبث !! و يغسل شوارعها ،، و يطهرها بماء الحياة .. ماء الرحمة و الأمل ، الذي يحيي موات الارض .. و موات الرجاء ..

في الشتاء القادم من بعيد ،، تطل بشائر ، و تعقد الآمال بمواسم العطاء .. و تعبر أسراب الطيور المهاجرة و هي تشق السماء نحو موطن الدفء .. و تفرح أسراب العصافير و هي تغتسل بحبات المطر ، و تطالعك طيور السنونو و هي تغازل الريح يُمنة و يُسرة .. و تبني أعشاشها لموسم حُبّ جديد ..

مقالات ذات صلة

في ليالي الشتاء ، و صوت حبات المطر تنقر زجاج الشبابيك ،، و تصدر ايقاعها الجميل على الأسقف الطينية .. و تبعث الحياة في المزاريب التي جفّ حلقها من طول انتظار .. فتسمع صوت نشيجها و هي تسكب من بعد ارتواء ماءَها .. و تغسل الأمطار على حدّ الغيم ، أبراج المدينة ، و مآذنها ، و قرميد الأسطح و الشرفات ..

في المساءات الشتائيّة ، تجتمع الأسرة و الصّحب .. حول الموقد الذي يبعث الدفء .. و يحلو الحديث و السّمر .. و الأنس و حديث الجدات ..

في ليل الشتاء الطويل ،، تداهمنا ذكريات و أحزان .. و نحن نستذكر أحبّة رحلوا .. و تركوا في القلب غُصّة .. هنا مجلسهم .. هنا متكأهم .. في الأذن مازال رنين ضحكاتهم و تسبيحاتهم .. لقد افتقدناهم مثلما نفتقد بدر السماء في ليلة شتائية !

.. في ليل الشتاء الطويل يرتعش القلب ، باحثاً عن جَذوة حُبّ .. و عن أمل بموسم خصب ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى