ذاكرة تين الصبر / نبيل عماري

ذاكرة تين الصبر

نعم كلنا كنا فلاحين ، نزرع القمح والشعير الحمص والسمسم والمقاثي نزين بيوتنا بشجرة زيزفون نذهب صباحاً على أرض التين ونقطفه .. وبشهر تموز حتى تشارين كنا نحوّش تين وصبر وعنب. نبني سناسل حجرية حول البيوت والمزارع ونزرع بحدها تين الصبر ، تخرج الأكواز معلنةً أستوائها وتعلن بألوانها أن الصيف ولى وأن الخريف قادم ويبدأ قطاف الصبر في شهر تموز وخاصة في اماكن الشفا غورية ولغاية قطافه يتم أخضار خشبة ويوضع على رأس تلك الخشبة علبة حديدية صغيرة لغايات قطف الثمرة ويسمى الصبر والتين عند الفلاحين بحلاوة الصيف ، فمع حلول تموز ترى الباعة يفترشون الأرصفة، أغلبهم قادم من قرى تشتهر بزراعة تين الصبر وينادون تين الصبر بيعمل هبر يباع مقشر بوضع حبات الصبر بالماء حتى يزال الشوك والريش الذي يخرج من حبة الصبر وبعد التقشير يتم وضع مكعبات من الثلج لغايات التبريد وكذلك يباع بدون تقشير وبعض الناس يخافون من زراعة نبات الصبر كون الشوك المتطاير يسبب العور ، وحينما يبدأ الموسم ترى الفلاحون في الصباح الباكر رجالاً ونساءً، كبارا وصغارا، يذهبون إلى قطف الثمار والتي يأكلون منها ويبيعون الباقي ، فالزائر للقرى لا يصدق جمال المنظر، والمزارعين عائدون إلى القرية بثمار التين والصبر والعنب التي قطفوها من أراضيهم الزراعية”. لا تكن ثمار الصبر والعنب والتين مجرد طعاماً بل هي جمالاً ومحبة وقرية وفلاحون ومواسم ورائحة طيون وشموخ لشجرة تين وسهرة تحت معرشات العنب وجمال تين الصبر الجالس على عتبات وسناسل البيوت والبساتين ، ينمو مع قطرات الندى بعل فتزداد عصارة العنب والتين والصبر حلاوة ، ذاكرة الأجداد في بلادنا تسكنها الأشجار والثمار والمواسم والتي كانت لهم وطناً ينتمون لها ويتغنون بها: يا بلادنا أم العنب والصبر والتين، حتى الفنان سامي الشايب غنى للعنب والتين والصبر اغنية قديمة مطلعها حبيبي حب هالديرة وهواها وزهرة جبالها الخلوة وشذاها وأنا قلبي معلق بي هواها أحب الصيف فيها والشتا ويذكر جبل عجلون وثمارها الناضجة ودحنونها الأحمر وحتى أمثالنا الشعبية لم تنسى تين الصبر في تموز بيصير الصبر قد الكوز ، وفي تموز يستوي الكوز وهنا كناية عن كوز الصبر ، وفي تموز اقطف الكوز ، وفي آب أقطف ولا تهاب .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى