داء الوطن / روان ضيا

داء الوطن

تُغلق جميع الأبواب أمام عينيك، تصل إلى مرحلة النهاية في بحثك عن المجهول، يغدُو التقاط أنفاسك من المشاكل اليومية التي لا تجد لها حلاً عند أي طبيب، تفقد شغفك في تقديم التضحيات لوطن يشعرك أنك غريب، وطن يضج بالشعارات الكاذبة لأهم الشخصيات الداعمة لطاقات الشباب ومواهبهم، أشخاص تجلس معهم لأول مرة لتشعر بتولد طاقة عظيمة داخلك لتغيير العالم للأفضل، وكل هذا عند سماعك لأهمية ما ستقوم به في إحداث الأثر الإيجابي لك ولوطنك، شخصياتُ عظيمةُ ظاهرها مُحب للمساعدة ونشر الخير، وباطنها فارغ من الإنسانية، يوهموك بالكثير والكثير، وغداً حين يأتي موعد اللقاء والوفاء بالعهود، ترى في ذلك الوقت تقلب قلوبهم، وبشاعة مظاهرهم، تلك المظاهر التي أَسرَّتْكَ عند اللقاء الأول، تلك المظاهر الساذجة التي تفقدك الثقة بالحب، بالخير، بالعطاء، بالوفاء.
حينما تقرر الهروب قليلاً لعلك تُشفى من الخيبات والطاقات السلبية التي يبثونها داخلك، تشعر مجدداً بالهدوء والسكينة، تغدو لوحدك في الطرقات، ترى الابتسامة على الكثير من الوجوه التي لا تخشى النظر إليها لتفسير خبثها، إلا أن داء العودة، وداء الوطن، لا يتْرُكانِك بخير، فلا بد من إصابتك بِدَاءٍ أما يجعلك طريح الفراش، أو يفقدك القدرة على الكلام.
تدرك جيداً ما سبب هذا الداء، فالوطن قد أشتاق إليك، لا يجب أن يستمر شعورك بالسكينة وأنتا خارج أسواره، ولهذا يكون الداء سبباً لتمنيك العودة إلى الوطن، والعودة إلى سريرك.
وما أن تعود إلى الوطن وتبقى طريحاً في المنزل، حتى تشعر بأن التعب والألم صعب تحمله وأنت خارج الوطن، لعلك تضيع وسط حل هذه المعادلة، في وطنك تموت آلاف المرات، وخارج الوطن تموت لبعدك عنه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى