عن النهضة أيضا / نور ابو غوش

عن النهضة أيضا

انتَشَرَ منذُ القدم فِكرٌ بأنّ العربي غير قادر على حكم نفسه بنفسه ، بل هو بحاجة لقوّة خارجية استعمارية أو وصائية لتقوم بقيادته وتدبير شؤونه . ونتيجة انتشار هذا الفكر كانت المنطقة العربية مطمعاً وحلقة نزاع للكثير من الحضارات رومانية كانت أم فارسية أم غيرها . واستمر هذا الفكر حتى غُرِسَ في عقول العرب أنفسهم .

ما فعلته الثورة العربية الكبرى كان محاولة في إعادة ثقة العربي في نفسه بأنّه يملك القدرة على قيادة بلاده دون تدخلات خارجية . ورغم أنَّ كثيراً من المحللين والدارسين يرَونَ أن الثورة العربية لم تكن ثورة أبداً بل كانت انتقالاً من صورة استعمارية إلى أخرى ، ومن دولة مسيطرة إلى نظيرتها ، ويستدلّون بذلك على ما جاء بعد الثورة العربية من تقسيمات في المنطقة واتفاقيات وعهود وأبرزها سايكس بيكو وبلفور “الذي ستكون مئويته العام القادم!” وغير ذلك ، إلاّ أنّ هذه الثورة العربية كانت شرارة لتحريك الجمود العربي حتى وإن لم يكن في نظر كثيرين تحرّك بالقدر الكافي أو بالأهليّة الكافية .

اليوم إذ يمرّ على الثورة العربية مئة عام – بالتمام والكمال – لا يمكن للعربي إلاّ أن ينظر إلى بلاده العربية التي ما زالت مطمعاً للكثيرين وما زال العربي فيها غير قادر على سياسية أو قيادة نفسه بنفسه . وقد يبدو ذلك مُكئباً للوهلة الأولى أو غير مُبَشِّرٍ بالخير إلاّ أنّه في الوقت نفسه محفّزٌ على استمرارية العمل والبناء للفردِ العربي كُلٌّ مِن مكانه .

اليوم عندما نسمع أو نشاهد شخصيات أصبحت معروفة ولها مُتابعيها بل ومُحبّيها ومقلِّديها ونجد كلامهم أقرب للفراغ منه إلى القيمة والمعنى ، ندرك تماماً أننا مِن أجل الثورة ومِن أجل أن ينهض العربي بنفسه فعلاً؛ فنحن بحاجةٍ قبل كلِّ العلوم وقبل كل التخصصات لأمٍّ تربّي وأسرة تحتضن الفرد منذ بداية عمره ليعرف كيف يكون صاحبَ قيمة لا مجرّد زَبَدٍ يُمحى عند أولِ موجة قادمة . وبعد ذلك تكون مهمّة الفرد نفسه بأن يتابع عقله وهدفه وروحه وأفعاله ، ليكون أهلاً فعلاً للنهضة والقيادة .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى