” خطبة الجمعة … مسربة ” /محمد سعود شواقفه

” خطبة الجمعة … مسربة ”

لم احرص على الوصول مبكرا …. فالمسجد قريب من البيت و لا يوجد تزاحم … و ليس معي سيارة فلا اقلق بايجاد مكان اصطفاف قريب … و الاهم انه وصلني معلومات مسربة بموضوع الخطبة و زاد مخبري بأن الشيخ ينوي الجمع لاقتناعه بان الجو سيكون سيئا …. لذلك فالصلاة ستكون صلاتين …. لا اعرف لماذا ابتهج بالجمع مع انني لا ازور المسجد الا في صلاة الجمعة ….؟!
فخطبة هذا الاسبوع لا يوجد فيها كلام عن الجنة و النار … ولا عن عذاب القبر …. لانه الناس الآن همها بالخبز و ارتفاع الاسعار و الحكومة الظالمة و مجلس النواب العقيم …. لكن الشيخ ليس له بالسياسة بعد ان تم اعتقاله قبلا و تبهدل بعد ان خضع مكرها لعملية ” الكعب الداير ” عندما خرج مرة عن النص و لم يجد احدا يتكفله او يتواسط له الا ابن نسيبه الذي له معرفة لمراسل في الدائرة …. و بعد خروجه …خفف اللحية التي كانت فعلا تزعج زوجته … و اشترى بنطلونا و جاكيتا مرتبا من البالة …. لكنه احتفظ بالشماغ فلا تختفي هيبته بالمرة …. و ليست عن طاعة ولي الامر و لا عن التعامل بالعقلانية و الادب … فهو يعرف ان معظم الحاضرين لن يحركوا ساكنا و اكثر ما سيفعلونه ان ينتقدوا الحكومة الهاملة في سرهم و يبتكرون النكات و يتداولونها فيما بينهم … و لن يراهم قبل الجمعة القادمة … و تكون الامور مختلفة …قصة جديدة و حكاية مثيرة. لكن الخطبة اليوم هي قصة خيالية لم تحدث و هي اختلاق قرأها من صديقه الساخر و لكنه هذبها لتكون خطبة لا يفهمها المخبر الذي يجلس في الصف الامامي ولا يدركها ذلك الكهل الذي اعتاد النوم في كل خطبة …. هو سيؤدي واجبه لا أكثر و لا أقل.
سأخبركم اليوم قصة حدثت لأحد كان يسير في أحد الغابات …. فراح يطارده أسد عظيم…. يراه قريبا فيبتعد عنه …فلا يكاد يشعر بأنه نجا حتى يقترب منه مرة أخرى …. و بينما هو بين ركض و لهاث …. حتى لاح له بئر يتدلى في داخله حبل …فلم يجد بدا من الهروب من الاسد الذي كاد ان يقنصه و كان زئيره يصم أذنيه و بدأ بتؤدة يلازمها قلق و خوف و رعب يتدلى خطوة خطوة … لكن استوقفه صوت فحيح يأتي من الاسفل… فاذا بافعى ضخمة تنتظره لتتلقفه بحضنها الناعم و عيونها تلمع نهما و رغبة …. تسمر في مكانه بين عودة للاسد الهصور يترقبه عند باب البئر و مواصلة نزول للافعى التي تبدو انها تنتظره على احر من الجمر …. لم يشتت انتباهه الا صوت خشخشة ناعمة تأتيه من الجوانب واذا بفأرين واحد ابيض و الآخر اسود يقرضان طرف الحبل المتدلي بأناة و هوادة و لكن دون ملل او كلل …. فراح يحرك الحبل تارة يمينا و تارة نحو اليسار محاولا ان يتخلص من الفئران …. و بينما هو يحاول بهذا و يلازمه قلق مما ينتظره فوق او ربما تحت … لمست يداه شيئا لزجا ناعما اغراه بأن يتذوقه …فوجده حلو الطعم …. وراح في غفلة يواصل التذوق ومزيدا منه حتى نسي ان هناك اسدا او افعى ينتظرانه و لم يأبه للفئران تقرض حبل نجاته… و بيننا هو كذلك حتى استيقظ من نومه فقد كان حلما او لربما كابوسا لعينا.
و وسط ذهول الحضور و متابعتهم للقصة و انتظارهم للنهاية … تململ البعض لأن الشيخ فعلا ” فقسهم” .
وبعد ان استغفر و دعا قليلا … ساخبركم بتأويل هذه الرؤيا…. “فالاسد هو ملك الموت يراقبك و ينتظرك … و الفأران هما الليل و النهار و البئر هو قبرك و ما تذوقته من الحلو هو متع الدنيا التي أنستك كل شئ فلهوت …”
و قال اقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم … و قفز عن الدعاء ليطلب اقامة الصلاة … واذا بمتابع شدته القصة و اندمج
فيها يصيح …و الافعى يا شيخ … فقال : “استغفر الله … الله يجهد بلاك “…. هذه هذه …. هذه هي الحكومة الملعونة … والله ما كنت بدي اقولها…

” دبوس على الفضول ”
” الزيارة ممنوعة و الشيخ اعتزل الصلاة في تلك القرية ”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى