خطبة الجمعة .. عنوان مقصود / عمر عياصرة

خطبة الجمعة .. عنوان مقصود

ليس عبثا او ارتجالا، قررت الدولة اختيار موضوع «الجهاد» عنوانا لخطبة الجمعة الماضية، فقد كان للشريط الذي بثته «داعش»، وحرضت فيه العشائر على «الجهاد ضد الدولة» اثر كبير في توجيه المنابر نحو عنوان استدعته طبيعة اللحظة الراهنة.
الشريط الداعشي اللئيم استخدم عناصر تنتمي بأسمائها لعشائر اردنية «قواعد الدعم»، واجرى على لسانها خطابا تحريضيا على الدولة تحت مسمى انه جهاد في سبيل الله.
الناس في الاردن تحدثوا عن الشريط، وتناولوه في مجالسهم، ورغم الرفض القاطع له ولأدبياته، الا ان السكوت الرسمي عنه غير مقبول، ولا سيما انه حمل مفردات شرعية «الجهاد» ومفردات وطنية «العشائر»، وفيه رد مبطن على هوية الداعشيين الاردنيين في التنظيم، وتأكيد لرواية وتقرير الكونغرس الاخير.
الدولة قررت الرد على بعض الشريط من خلال «منبر الجمعة» تحت عنوان مناكفة شرعية تهدف الى «تصحيح مفهوم الجهاد» وتوجيهه الوجهة الصحيحة.
ونتمنى في مثل هذه المناسبات «شريط داعش» ان تقدم الحركة الاسلامية بكل تنوعياتها ردا ايدلوجيا مبسطا وشعبيا على ما تقوله داعش، فالدعاية الداعشية مبسطة وساحرة، وتحتاج الى ما يكافئها في ذلك.
الاردن بعد «رسالة عمان» دقيق في التعامل مع مصطلحاته في مواجهة التشدد، فالملك مثلا يكثر من عبارة «مواجهة الخوارج» فلم يصفهم يوما بأنهم كفار، والهدف ان لا نكون تكفيريين كما هم عليه، كما اننا بوصفنا لهم بالخوارج نجعلهم اقلية غير ممثلة للاسلام.
وهنا تظهر – للامانة – مبررات قرار الدولة بالسيطرة «شكلا ومضمونا» على خطبة الجمعة، فالهاجس مكافحة الارهاب؛ بمعنى خوض المعارك الثقافية مع الارهابيين بشكل موجه ومكثف، ونقر اننا جميعا لابد ان نقف في خندق الدولة في مواجهتها مع الارهاب، وهذا لا يمنع من النقاش والخلاف حول بعض الادوات المستخدمة.
ما زلت أصّر على ان داعش الفلول اخطر علينا من داعش التمكين، وهنا علينا الحذر امنيا وثقافيا وتوعويا، فهم بيننا، ومن حولنا، ولا حل الا بالمواجهة، والمواجهة ليست امنية دائما، فقد تكون حوارية، وقد تكون تجفيفية للمنابع لا تعجب البعض.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى