خبز وشاي / يوسف غيشان

خبز وشاي

في الباص المنطلق من مادبا الى عمان قبل نصف قرن، شرعت بهية في الحديث، مع أمي، عن زيارتها للدكتور نقولا الذي، بعدما أجرى لها بضعة فحوصات، قال لها:
– إنتي لازم تتحمّي.. معاكي كولسترول.
هكذا قالت المرأة، لم أفهم مدلول الكلمة، سألت أمي، فسكتتني، وتنبهت إلى ما ستقول المرأة.
– وشو هوه الكسترول يا دكتور؟
قال لها الطبيب:
– يعني لما بدك توكلي جاج لا توكلي الجلدة…لأنه مليان كولسترول
– ول يا دكتور، بدّك تحرمني من حصتي؟
قهقهت أمي، ولم تستطع هذه المرة أن تخفي صوت ضحكتها، وكانت أكمام ثوبها مبتلة على الآخر.
شعرت أمي ببعض الندم؛ لأنها قمعتني، فشرحت لي بقية القصة:
– المسكينة لما بذبحوا جاجة، مرة والا مرتين بالشهر، ما بطلعلها إلا الجلد إللي فيه «الكسرول»، واللي بده الدكتور يحرمها منّه.. فهمت يا دب؟
واستمرت في الضحك.
تغير لون بهية غير المعتادة على ركوب الباص، صار فمها يبقبق، ثم أفرغت ما في معدتها إلى الخارج، ولكن على نافوخ الشوفير مباشرة.
فوجئ السائق، وأوقف الباص بسرعة، لم يفهم ما حصل في البداية، ثم أدرك الموقف، فنظر إلى بهية شاتماً وهو ينظف نفسه بشريطة مسح الشباك.
قالت المرأة موجهة كلامها للسائق:
– لا تقرف ولا ع عبالك يا بنيي، والله كله خبز وشاي، والله العليم من يومين ما خش ثمي غير الخبز والشاي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى