حمار ناطق / يوسف غيشان

حمار ناطق

خبير تنمية بشرية دولي، قرر ان يكرس حياته من اجل استيعاب ما يحصل في البلاد العربية، اذ على الرغم من ان هذه البلاد من اكثر البلاد تدينا والتزاما في العالم، الا انها من اكثرها فسادا، لذلك اخذ الرجل على عاتقه مهمة تغيير قناعات الناس.
انطلق الرجل يتجول في انحاء العالم العربي في جولة تفقدية استغرقت عاما كاملا زار فيه اكثر المناطق فسادا وقلة امانة وتسيبا، واختلط بالحاكمين والمسؤولين وخبر معادنهم، درس الرجل التاريخ العربي، وعرف أن الحكاية والحكمة والتشبيهات تقنع العربي أكثر من المنطق الصوري او الرياضي أو الديالكتيكي أو اي وسائل اقناع وتبديل قناعات أخرى.
في أول محاضرة له، جلس الخبير بثقة، وقال: سيداتي سادتي آنساتي
سأحدثكم بقصة، ثم نتحدث حولها ونفتح باب الحوار:
تقول الحكاية بأن ثلاثة اشخاص قاموا بسرقة بيت، وحملوا المسروقات على ظهر حمار وجدوه مربوطا على باب البيت ورحلوا. في الطريق اتفق اثنان من اللصوص على قتل الثالث، حتى يحصل كل منهما على حصة اكبر من الغنيمة، وقاما بقتله فعلا.
بعد ان نام اللصان في الطريق، بقي احدهما سهرانا، فراودته نفسه على قتل اللص الآخر، حتى يحظى بكامل الغنيمة….. فاخرج سكينه وقتله وهو نائم. سار اللص الثالث والأخير بالغنيمة الموضوعة على ظهر الحمار، وخلال عبوره احد الجبال وهو سائر بجانب الحمار، انزلقت قدمه فوقع من قمة الجبل …ومات.
بقي الحمار وحيدا….بلا قائد، فرجع الى البيت المسروق، وجميع المسلوبات على ظهره، وعاد الحق الى اصحابه كاملا مكملا.
اردف الخبير، بالتأكيد عرفتم الحكمة والهدف من هذه الحكاية، والان نفتح باب الحوار:
رفع احد الحضور يده، ثم سأل:
– سيدي المحاضر…… كيف عرفت بتفاصيل ما حصل مع أن جميع الأشخاص ماتوا….. أكيد من الحمار؟؟؟؟
صمت المحاضر قليلا ثم كثيرا، ثم استوعب الخازوق الذي اكله، فانهار عصبيا، ونقلوه الى مستشفى المجانين.
ويقال بأنه عاد الى بلاده مجنونا، وهو يقطن حاليا في مستشفى الأمراض العقلية هناك، لا يتكلم، بل يصرخ كل يوم مرة واحدة قائلا:
– حالة ميؤوس منها.
ثم ينهق ..وينام حتى اليوم التالي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى