حكاية عمر …ووجبة سريعة / جمال الدويري

حكاية عمر …ووجبة سريعة
الصورة مستعارة
15338883_1280082705390670_7624148539110887033_n

ما عاد الجوع يقوى على الصبر،
وقد أضحى خوار الأمعاء وغرغرة روح المعدة، مزعجا حتى لصاحبه،
والرغيف يحترق شوقا للمقابلة الوجدانية، المؤجلة منذ عيد سلف،
وبقايا أمل وتشبث بالبقاء لساعة واحدة أخرى قادمة، او أقل،
فيتقابل الجميع بلا موعد، عند هذا المحروم، على حافة الموت،
فيمل الزمن بعضه ويفقد احتماله على المزيد من الانتظار واللهفة، ويرفض صاحبنا امتطاء قطار الوصول الى قصره الرسمي المنيف، لتناول طعام الغداء وبعض الحياة، فيسارع للجرعة الأولى على قارعة الثقب الأسود، وعند اول متكئ لظهره المنهك.
يغمس الخبز ببعضه، وليس لديه ما يسلك بلعه، سوى مرارة خيبة الأمل والظن ببني جلدته، ولكنه يحمد الله ويشكره، مقبلا اخر كسراته من الخبز، ليدسها في كيس به كل ما يملك من متاع الدار الفانية، ليس لأنه شبع او كاد، بل لأنه لا يدري، ان كان سيأتي له القدر وحاويات الأكارم، بوجبة حياة أخرى.
وكلكم راع…وكلكم مسؤول عن بقايا الحياة وكم العذاب والحرمان عند هذا الشيخ وأمثاله.
عماه…انك انقى من أنقانا.
لك الله.
قطع أحد المارة الثرثارة، صمت صاحبنا مقتحما عليه رحاب واداب المائدة سائلا:
لماذا لا تأكل بالمطعم المجاور؟ فقال:
المطاعم مزدحمة يا بني، وأنا أحب الهواء النقي والرومانسية.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى