حكايات هردبشتية / يوسف غيشان

حكايات هردبشتية
(1)
كان المواطن (ي.غ) يصحو من النوم مفزوعا كل يوم والعرق يتصبب من أنحاء هيكله المرتجف ، ثم يعود لينام ثم يصحو مفزوعا ، حتى تحوّلت حياته الى مجموعة من الكوابيس المتتالية كأسنان المشط .
كان المواطن (ي.غ) يحلم كلما نام بأن شاحنة مسرعة تدهسه فيصحو مرعوباً.
– استخدم (ي.غ) الحبوب المنومة، فصار يصحو أشدّ فزعاً.
– زاد الجرعة ولم تنفع.
– صار يتعب ويتعب ويرهق جسده وينام، فلم تنفع الحيلة.
– استخدم الأعشاب المهدئة، ولم تنفع.
كاد المواطن (ي.غ) أن يصل إلى مرحلة اليأس والاستسلام ، إلى أن دلّه أحدهم على هردبشت، وهردبشت هذا شخص معروف في المنطقة يعرفه الكبار والصغار، وواضح من اسمه التركي – الفارسي ، الذي يدل ، ربّما على الفوضى واللامبالاة الناجمة عن خبرة مديدة بالحياة ومصاعبها أوصلته إلى حدّ فقدان الدهشة ، وأعطته شجاعة في التحدث بصراحة وانتقاد.
كتب هردبشت شيئاً على ورقة، ثم طواها وأغلقها بالدباسات ، وطلب من (ي.غ) أن يضعها تحت مخدته ، ولن تقترب منه الشاحنات ولا السيارات أبداً . ضحك المواطن من هذا الحل السخيف ، لكنه أخذ الورقة ودسّها تحت المخدة ، على سبيل اليأس.
لم ينهض المواطن (ي.غ) من نومة إلا في ساعة متأخرة من صباح اليوم التالي ، بدون كوابيس ولا عرق ولا شاحنات .
إذا فقد نجحت الورقة.
نام في اليوم التالي والذي يليه .. ولم تعد الشاحنات تداهمه.
انتاب الفضول (ي.غ) حول المكتوب في الورقة ، وبعد تردّد فتح الورقة فوجد أن هردبشت قد كتب فيها بخطه العفشيكي ما يلي : ( نأسف لإزعاجكم .. لطفا تحويلة ).
الا نستحق نحن ورقة مثل هذه ولافتة مثل هذه نضعها أمام الحكومة قبل أن تسحق المواطن بالقرارات (الصعبة) التي تداهمه على حين غفوة !!
(2)
دخلوا عليه فارعين دارعين .. وضعوا يديه خلف ظهره وأفرغوا جيوبه وما فيها ، وهو يضحك.
– فكّوا إحدى يديه وأجبروه على التوقيع على دفاتر شيكات كامل ، فوقّع وهو يقهقه!!
– قتلوا زوجته أمامه .. وهو يقهقه!!
– قتلوا أبناءه واحداً واحدا .. شاهد دماءهم تسيل .. فتابعها وهو يقهقه!!
– حرقوا البيت .. فازداد قهقهة !!
– حملوه الى دائرة الأراضي وسجلوا البيت بأسمائهم .. وقّع على المعاملات وهو يضحك .
– أخذوه الى المستشفى ، سحبوا دمه ، وضعوا عليه تسعيرة ، ثم أخرجوه وهو لا يقدر على المشي ، لكنه كان يضحك!!
– باعوه عدة وحدات من دمه ، فاشتراها وهو يضحك .
– ضربوه وهو يضحك !!
– سحلوه وهو يضحك !!
أحدهم غضب من ضحكات وقهقهات هردبشت ، فسأله بغضب:
– ليش بتضحك يا ابن الــ ..!!
قال هردبشت وهو يقهقه:
– أنا عارف مين إنتو …..
– إحنا مين ؟؟؟
– إنتو الكاميرا الخفية هاهاها هوهوهوهيييه هي هي هي هيه………….الخ!!
من كتابي(هكذا تكلم هردبشت )الصادر عام2011

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى