حروب الأساطير / د . هاشم غرايبة

حروب الأساطير
مقال الإثنين: 27 / 3 / 2017
أن التركيز الإعلامي على الأصولية الاسلامية وتضخيمها له أسباب أهمها التعمية عن الأصوليات التي عانى منها العالم وما يزال وخاصة تلك الأخطر وهي المسيحية الصهيونية لأنها متسلحة بالقوة الأمريكية، فهي قائمة على مبدأ إحلال شعب مكان شعب ( الوعد الإلهي للشعب المختار ) وتسويغ كل ما من شأنه تحقيق هذا الهدف ، وعلى رؤية مغرقة في الأصولية المأسطره المبنية على فرضية أن المسيح الحقيقي ( اليهودي ) لم ينزل بعد وأن نزوله مرتبط ببناء الهيكل في القدس حيث سيقود معركة ( ارمجدون ) التي يقضي بها على الوثنيين ( سكان المنطقة من غير اليهود ) .
عرف هذا المذهب في أوروبا عام 1520م مع بداية الحركة البروتستانتية الإصلاحية / الاحتجاجية بزعامة مارتن لوثر الراهب والمفكر المسيحي الألماني الذي احدث ثورة فكرية كبيرة داخل الكنيسة الكاثوليكية في فترة العصور الوسطى مما أدى إلى انقسامها .
ومن أهم نظرياته التي ساعدت في تغير النظرة لصالح الحركة الصهيونية انه رفع مكانة الشعب اليهودي بدمج العهد القديم ( التوراة ) في العهد الجديد، معتبراً أن العهد الجديد( الإنجيل)هو مكمل للعهد القديم ( التوراة ). واعتبر اللغة العبرية لغة مقدسة.
لم يتقبل الأوروبيون هذا المذهب بسهولة على العكس من الأمريكيين ، حتى أصبحت الآن هي الأوسع انتشارا بعد أن اعتنقها كبار الشيوخ من الحزب الجمهوري وبعض الشيوخ الديمقراطيين ، فباتت السياسة الأمريكية تسير وفق رؤى هذا المذهب .
في البيان الصادر عن المؤتمر الدولي الأول للمسيحية الصهيونية المنعقدة في بازل بسويسرا ما بين السابع والعشرين والتاسع والعشرين من آب 1985 ، نصت المقدمة على : ” نحن المندوبين المجتمعين هنا أمم مختلفة وانتماءات كنسية عديدة في نفس القاعة التي وضع فيها تيودور هرتسل والمندوبين المجتمعين معه في المؤتمر الصهيوني الأول منذ 88 عاماً الأسس لبعث دولة إسرائيل ، قد التقينا معاً لنبتهل إلى الله ونتوسل أليه، ونقر بالتزامنا الكبير نحو إسرائيل ( شعباً وأرضاً وإيماناً ) ونؤكد على تضامننا معها ”
كما جاء في البيان الختامي للمؤتمر الدولي الثاني للمسيحية الصهيونية المنعقدة في القدس في الفترة ما بين 10 – 15 نيسان 1988 : ” إن المسيحية الصهيونية هي صهيونية توراتية أمينة على الكتاب المقدس وتؤكد على تحقيق أهدافه النبوية التي ستبلغ منتهاها لدى عودة المسَيح إلى أورشليم . وبناء على ذلك فإننا نستنتج من الكتاب المقدس أن الله يحب شعبه ، وانه أناط به مسؤولية وحق امتلاك ارض الميعاد وأعمارها بل وحكم سكانها بموجب كلمته الإلهية “.
الخلاصة : مما سبق يتضح خطورة استغراق الأنظمة العربية الكامل في فكرة أن الأصولية والإرهاب منتج إسلامي حصري، كما أن المساهمة الإعلامية العربية في هذه الزفة غير المقدسة تحت إغراء التخلص من الإسلاميين لا يخدم في النهاية إلا المشروع الصهيوني في منطقتنا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى