حديث سواليف الرمضاني 10 :صَنائِعُ المَعْرُوفِ تَقِيْ مَصِارِعُ الْسُوءِ ((2))

سواليف – خاص – د. منتصر بركات الزعبي

والمعروف أيها الأخوة والأخوات : هو كلُ إحسانٍ إلى عباد الله , من قرض حسن ,أو بر , أو هدية, أو صدقة , أو إعانة على قضاء حاجة , أو تحمل دين أو بعضه ، والستر على المسلم , والذب عن عرضه وإقالة عثرته , وإدخال السرور عليه , وإذهاب همِّه وغمِّه، وإعانة العاجز والأخرق، وإسعاف المنقطع ، وإعانة المحتاج ، أو غير ذلك من سُبل الإحسان . وإليكم صورًا ومواقف َمن حياة المتصدقين في العصر الحاضر : أثناء سجن الكاتب المصري المعروف مصطفى أمين سنة 1965 م , رئيس تحرير جريده ” الأخبار ” صدر قرارًا بمنعه من الأكل والشرب , لإجباره على تغيير مواقفه , وكلنا يعلم أن الأكل يمكن الاستغناء عنه لفترة , أما العطش , فهو عذاب لا يحتمل , وكان الجوُّ حارًا جدًا , وهو مريض بالسكر , ومرضى السكر يشربون الماء بكثرة.

في اليوم الأول , لم يجد ما يشربه , فشرب من ماء الاستنجاء الموجود في الحمام أعزكم الله , وفي اليوم التالي , وجد الإناء خاليا , لأنهم اكتشفوا انه يشرب منه , حتى انه اضطُرَّ أن يشرب من ماء البول – أكرمكم الله – لفرط عطشه , وفي اليوم الثالث , لم يجد ما يشربه حتى البول , بسبب الجفاف الذي كان يعاني منه , وبينما هو يدور كالمجنون في زنزانته من شدة العطش , و قد أصابه الإعياء وبدأ يترنح , فإذا بباب الزنزانة يُفتَح بهدوء , ثم رأى يدًا تمتد في ظلام الزنزانة , تحمل كوبَ ماءٍ كبير مثلج ؟ تصور في بادئ , أنه هذيان أو غيبوبة السكر , مدَّ يده ليتناول الكوب , فوجد ضالته , ماءً باردًا ! رفع رأسه فإذا بحامل الكوب يضع أصابعه على فمه , وكأنة يقول له لا تتكلم , اشرب الماء بسرعة . شرب الماء وهو غير مصدق لما حدث , ويقول : إنَّه ألذُّ كوب ماء شربه في حياته . ثم اختفى ذلك المجهول بسرعة , ولكنَّه عرف ملامح وجهه , وعندما خرج في الغد للتريُّض خارج الزنزانة , رأى الذي سقاه بالأمس وعرفه , فهُرِعَ إليه مهرولا ليسأله : أأنت الذي … ولم يدعه يكمل …نعم فقال له : لماذا فعلت ما فعلت ؟ لو كانوا ضبطوك لربما فصلوك من عملك , فقال الحارس : يفصلونني فقط ؟ إنهم سيقتلونني رميٍا بالرصاص , إذًا ما الذي جعلك تقوم بهذه المخاطرة ؟ قال : إنني أعرفك وأنت لا تعرفني , منذ 9 سنوات تقريبا , أرسل فلاح في الجيزة خطابا إليك يقول فيه : إنه فلاح في إحدى القرى النائية وكلُّ أمنينه , أن يشتريَ جاموسة ليعيلَ أسرته , ويعيشَ على خيرها , وانه مكث 7 سنوات يقتصد في قوته وقوتِ عياله , حتى جمع مبلغًا من المال , ثم باع مصاغ زوجته , واشترى بالمبلغ جاموسه , وبعد فترة وجيزة , ماتت الجاموسة, و حزن عليها حزنًا شديدًا , حكى لك ذلك الفلاح قصته , وتمنى عليك , أن تهديه جاموسه بدل التي ماتت , وبعد شهور قليلة , دُقَّ باب البيت الصغير الذي يملكه الفلاح , فإذا فتاةٌ تجرُّ وراءها جاموسة , تقول : أنا محررة من جريدة ( أخبار اليوم ) هذه الجاموسة مهداة من الأستاذ مصطفى أمين رئيس تحرير الجريدة . — وكانت(جريدة أخبار اليوم ) قد اعتادت أن تحقق أحلام المئات من قرَّائها في ليلة القدر , في شهر رمضان المبارك من كل عام – ثم تابع حديثه قائلاً : هذا الفلّاح الذي أرسلتم له الجاموسة منذ 9 سنوات هو أبي !!!

ارشيف 2015

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى