حاجتنا لغزة/د. نبيل الكوفحي

سواليف _ برغم الحصار القاتل لسنوات خلت، وثلاثة اعتداءات كبيرة عليها اعتبرت حروبا من حجم الهجوم والقوة التدميرية، ومئات الاعتداءات القصيرة والمحدودة المتكررة، وقوافل الشهداء والجرحى التي قدموها أهلنا في غزة، وخيانة القريب وخذلان الصديق، وانبطاح حكومات عربية كثيرة للصهاينة، وليس اخرها ” هرولات التطبيع ” المذلة، الا انهم لم يستسلموا ولم يئنوا ولم يحنوا الرؤوس أبدا ولن يحنوها بأذن الله.
ايام عصيبة مرت لكنه وعد الله للمجاهدين والصابرين والربط على القلوب والتاكيد على حقيقة ضعف العدو مهما بدا متغطرسا (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما) النساء: 104.
دخلوا كمجرمين متغطرسين فخرجوا أذلة صاغرين، وتوج ذلك باعتراف بالفشل والاستقالة لوزيرهم المجرم، ليس هذا بهين عندهم ولن يكون هينا عليهم، لكنها قدرة الله فوق كل القدرات. ان العمل البطولي المتراكم والصبر الجميل الطويل كان لا بد ان يثمر بانتصار معنوي كبير لأهل غزة وكل أهل فلسطين وبهزيمة نفسية (ولا اقول عسكرية) للعدو تجهله مكسورا مهزوزا بانه برغم قوته المادية والعسكرية الا انها لا يملك الحق ولن يملكه، فالحق هو لأهل فلسطين ومجاهديها وجالا ونساء واطفالا. ان بقاء الأمل ونموه امر حاسم في بقاء المقاومة وتطورها، وانه لولا جذوة الامل لما تولد الابداع فتطورت اسلحتهم وأدواتهم النضالية، حتى كان الورق سلاحا على شكل لعبة اطفال.
نحن العرب خاصة والمسلمين عامة بحاجة لمثل هذا النصر، ليس فقط لتفرح القلوب ويذهب غيظها، بل لنستمد الامل من أهل غزة ومجاهديها، كيف وهم العزل المحاصرون المستهدفون من العدو ومن بعض بني الجلدة، لم يهنوا ولم يستسلموا فصبروا وصابروا، واوقعوا في عدوهم القتل والجرح واكثر منه الخوف. كم نحن بحاجة أن نستنهض طاقاتنا ونعمل يدا بيد لاستعادة قدرتنا على المبادرة والفعل والتقدم في محاربة الظلم والفساد والتغلب على الفرقة والتخلف وتوحيد الصفوف لأجل مشروع الامة في كل بلدانها بالسيادة والحرية والعدالة والتقدم والرخاء.
ان اهل غزة – وهم يعلموننا الدروس بدمائهم وبكاء أطفالهم- بحاجة ان تستثمر الامة فيهم، فهم رأسمالنا الابيض في زمن الهزائم السوداء، بحاجة ان تقف معهم الدول العربية واقلها وقف الانبطاح للعدو، وبحاجة للشعوب ان تقدم لهم الدعم بكل أشكاله بما يعزز نجاح هذا الاستثمار الاستراتيجي للامة، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى