“جردة السنة” / سهير جرادات

“جردة السنة”
سهير جرادات

جرت العادة مع نهاية كل عام ، وقبل بداية عام جديد إجراء جرد تقييمي – ليس فقط للموجودات والمصروفات – إنما للأحداث والوقائع والحوادث، للوقوف عند أسبابها ، ومسبباتها ، ورصد التوقعات المحتمل وقوعها،وصولا إلى كيفية تفادي حدوثها مستقبلا .

وفي “جردة” سريعة للأحداث التي مرت على بلدنا الحبيب ،فإننا نستشف منها أننا سنعبر إلى العام الجديد، دون شيء يذكر، ولن نبتعد عن الأولويات والتحديات الوطنية التي نتعرض لها جراء الإرهاب والتطرف، بعد انتشار الخلايا النائمة بيننا، كنتيجة حتمية لحالة عدم الاستقرار في الدول المحيطة بنا ،والتي تلقي بظلالها السلبية علينا،وبالذات ما يتعلق بتدفق اللاجئين بأعداد كبيرة ،يؤثر على واقعنا المحلي.

لا ننسى أن هذه “الذئاب المنفردة”،قامت بالانقضاض علينا أربع مرات في العام الذي مضى، حيث تصدى لها نشامى الوطن الذين دافعوا بأرواحهم عن بلدهم ، ورووا بدمائهم ترابه ، لكن للأسف كان عدد من استشهد يفوق أعداد الذئاب الخارجة عن القانون ، حيث خلف ارهابي واحد في حادثة البقعة خمسة شهداء ، وسقط ستة عسكريين شهداء في هجوم مخيم الركبان للاجئين السوريين قرب حدودنا الشمالية بفعل سيارة مفخخة، فيما سقط في أحداث قلعة الكرك 10 شهداء على يد أربعة متشددين ، وأجهز أحد المطلوبين المشتبه بهم على أربعة من أفراد قوات الامن والدرك في منطقة قريفلا ، فيما سبق ذلك استشهاد ضابط في هجوم إربد للقضاء على خلية ارهابية قتل فيها سبعة من الخارجين عن القانون ، لتظهر هذه الاحداث الحجم الحقيقي لمقدار الأسلحة الموجودة مع الخارجين عن القانون وغيرهم .

مقالات ذات صلة

دعونا نستعرض أبرز القضايا التي شهدها العام الماضي، بعد أن قفزت مديونية الأردن إلى 27 مليار دولار ، دون أن نقف عند أسبابها ، حتى وصلت فوائدها فقط إلى مليار دينار ، وعجز في الموازنة العامة بلغ نحو تسعة مليارات دينار ، ثم كانت قضية ناهض حتر الذي اغتيل على درج قصر العدالة ، وقضية توزير أصحاب أسبقيات ،وانتشار الجوكر والمخدرات والإرهاب ، والتراجع الاقتصادي ، واستمرار انتشار الفقر والبطالة ، وارتفاع الأسعار ،وتعديل المناهج الذي قضى على قيمنا وإرثنا التاريخي .

عام مضى،ولم تنقطع الشللية ، بل أنها استفحلت ، واستمرت التجاوزات في التعيين بالمناصب العليا للمحظيين ، وانتعاش مراكز القوى ، مقابل ضعف في الكشف عن قضايا الفساد ، وتزايد العنف في الجامعات ، ومحاولات الانتحار وأعداد المنتحرين ، وجرائم الشرف ، وما حصل من جرائم عائلية بشعة لم يعتد عليها المجتمع الأردني ، كما حدث عندما قتل رجل زوجته لاعتراضها على عيدية قدمها لأبناء اخوتها ، وقتل أب لزوجته وابنه وابنته العروس ، والأكثر بشاعة عندما أقدم شاب على قتل أمه وجز رأسها ، إلى جانب ضحايا حوادث السير المتصاعدة النتائج.

عام مضى شهد رحيل حكومة ، وتشكيل حكومة جديدة أشرفت على الانتخابات النيابية ،التي جرت بموجب قانون انتخاب جديد ما زال غير مفهوم ، حاله حال الصناديق التي ما زالت مختفية في منطقة بدو الوسط ، وبعدها تشكلت حكومة بنكهة التعديل ، مع قدوم مجلس نواب جديد منح الثقة للحكومة بسهولة.

عام مضى وإعلامنا استقر داخل فقاعة هواء ، تراجع فيه إلى الحضيض ، وشهد العديد من الاخفاقات بعد أن فرضت عليه إدارات وسياسات ساهمت في تحطيمه وتراجعه .

بين عام مضي وعام سيمضي ..ما لنا إلا أن نرفع أيدينا إلى السماء بأن يحمي الله وطننا ،وأن يكتب الله لنا الموت على ترابه ، وأن يلهمنا الصبر والقدرة على تحمل قرارات الحكومة التي تستهدف لقمة عيشنا ، والقدرة على مواجهة الفساد الذي ينهب أموالنا أمام أعيننا ،ودعوانا أن تشل أيادي الوساطات والمحسوبية والشللية التي تفقدنا حقوقنا .. اللهم امنحنا “طول البال” على الحكومات المتعاقبة التي لا تراعي ظروف مواطنينا.

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى