ثور شعبان / يوسف غيشان

ثور شعبان

كان الثور حرونا، أو ربما كان كسولا، لذلك حينما كان شعبان يربط ثوره في السكة لغايات الحراثة، كان الثور المحترم يقف متجمدا بلا حركة، ويدعي شعبان ان ثوره لم يكن يرمش ايضا في تلك الحالة.
في تلك الحالة؟؟ أي حالة، هذا هو الوضع الدائم لثور شعبان، في السراء والضراء، في الليل والنهار، صيفا شتاء ربيعا وخريفا. حتى لا نتهم بالتحامل، فقد كان الثور يبدي بعض التساهل في الحركة خلال الكثير من الأوقات في السنة، كان يأكل ويمرح ويتقافز مثل السعدان، لكنه كان (يتشصّب) تماما عند بدء موسم الحراثة، ويتحول الى تمثال حي سيئ الصنع.
من أجل الحقيقة والأمانة وراحة البال، فإن ثور شعبان كان يحرث قليلا(بنظر شعبان).
– ذهاب ..اياب.
– إياب ذهاب.
وإذا شعر انه قد عمل بما يتناسب مع كمية الأكل التي يمنحها اياه شعبان، ثم يتوقف تماما، ويشعر أنه قام بواجباته الدنيوية الموكولة اليه، ولم يستطع شعبان إجباره على إنهاء مشروعه التنموي، لا بالمليح ولا بالعاطل.
وكل ما يريده شعبان خلال العام هو ان يربط الفدان(المحترم) على السكة للحراثة وتجهيز الأرض كاملة للزراعة، في مواسم الحراثة. حاول شعبان الانفتاح على العالم، وسمع أن الأبقار الهولندية تدر الحليب على انغام موسيقى باخ وأمثاله، فاكترى مسجل(كف) وقام بتشغيل شريط موسيقى، لعل الثور يتحرك للحراثة.
أحضر شعبان ملح بارود، ووضعه في اذن الثور، وأشعله…. خرج الشرر اولا، ثم اللهب مع صوت:.
– (تشششششششششششششششششش).
ورائحة شواء جلد وشعر.
نظرة عتاب نظرها الثور الى صديقه شعبان، ربما على سبيل الكسل، ثم حرك أذنيه ذات اليمين وذات اليسار .
ثم ذات اليسار وذات اليمين .
ثم ذات اليسار وذات اليسار.
لكن دون أن يتحرك من مكانه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى