ثلاث قطط بتذكرة / يوسف غيشان

ثلاث قطط بتذكرة

بالمناسبة، أنا من عشاق القطط، وقت توفيت قطتنا ميمي التي كان لا يحلو لها الا النوم على كرشي الرحب، كضمير قاض مرتش، ولا تنسى أن تسهمد مكانها بأظافرها وتقوم بتنجيد الفانيللا مجانا، قبل النوم.. ماتت ميمي التي منحتنا الكثير من الحب على مدى 14 عاما، فاستبدلناها بـ3 قطط صغيرة تستهلك مالي ووقتي ، لكنها تمنحنا الكثير من الفرح والحيوية والفوضى في أرجاء البيت.
ومن ذات الناحية تقريبا، فقد أعلنت شركة أميركية عن توصل الباحثين فيها إلى إنتاج أول قطة في العالم لا تسبب حساسية للإنسان، وقالت إنها أنتجت أعدادا من هذه الأنواع تباع القطة الواحدة ب7500 جنيه إسترليني. وتقول الشركة إن هذه التقنية تحل مشكلة الملايين ممن يعانون من الأكزيما والحساسية جراء التعامل مع القطط العادية (خلقة الله). وتعمل الشركة حاليا على إنتاج قطط منتوفة وراثيا(بدون شعر) حتى يتم اجتثاث الحساسية من جذورها.
المشكلة ليست في كمن مليون إنسان يعانون من الحساسية من القطط فمعظمهم لا يحب القطط أصلا. لكن هكذا ابتكارات خطيرة جدا جدا جدا، رغم طابعها الإعلاني التسويقي الربحي، لا بل إن للموضوع فلسفة أكثر خطرا بكثير.
إنها فلسفة جديدة نشأت في أوروبا ترعرعت في أمريكا يسمونها (الداروينية الاجتماعية )، تعتمد على تعميم النتائج التي توصل إليها تشارلز دارون ، ونشرها في كتابه أصل الأنواع ، تعميمها عن طريق تحويلها من مجرد شرح لما يجري في الطبيعة بشكل طبيعي وعفوي من انتخاب طبيعي عن طريق الصراع والبقاء للأقوى والأصلح والقادر على التكيف أكثر، إلى انتخاب صناعي لا ينتظر فعل الطبيعة، بل يقوم بتصنيع كائنات قادرة على التكيف معنا واستبعاد الكائنات الأخرى.
صدقوني لن تبقى الأمور مقتصرة على القطط الكلاب والسحالي، لا بل ان القصة بدأت بطريقة معكوسة ، حيث تعلم الأميركان على الداروينية الاجتماعية عن طريق تصنيع السّاسة الذين يناسبون السياسة الأميركية في كل مناطق العالم.
الخطوة التالية هي تصنيع شعوب لا تجعل الأميركان يعانون من الحساسية ، وقد شرعوا فيها في الكثير من البلدان العربية وغيرها ، لكن يبدو ان النتائج الأولية لا تبشر بالخير بالنسبة للأمريكان، وبما تكون الحساسية بالنسبة لهم أخف بكثير عليهم وأقل ضررا من مضاعفات محاولة تصنيع شعوب تعشق الأميركان.!!
تصنيع السّاسة سهل … لكن تصنيع الشعوب مستحيل، حتى الآن على الأقل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى