ثقب الروح الاسود / هبه احمد ابوالرب

ثقب الروح الاسود

حصلت على مقعد جميل في موقع هادئ في مكان خالي في ليلة معتمة وتكنلوجيا بعيدة تساعدك على الحصول على سماء صافية دون ازعاج من الاضواء الارضية .
الصوت والضوء والحياة الصاخبة تجعل ذلك الصفاء مستحيلا , لكنك الان تجلس في المكان المناسب وفي الوقت المناسب لترى السماء بكامل صفائها .
انه الوقت الامثل لتأمل النجوم و ….. أسترجاع الذكريات .
وكأن الامرين مرتبطين بطريقة او بأخرى لا يمكن تامل ضوء الماضي الا مع هدوء الحاضر , كما لا يمكن رؤية النجوم في وضح النهار , تلك النجوم التي قد تكون اكبر بمئات المرات عن نجمنا الساطع ( الشمس ) لكن بعد المسافة يقلل الضوء الواصل .
وللتاكيد على ربط الموقفين كلاهما ياتي من الماضي , انه الماضي تنظر له عند تاملك السماء , انه الضوء الصادر من احتراق نجم بعد ملايين السنين الضوئية خلال رحلته ليصل لك .
في النهاية ماتراه في السماء ليس النجوم الان بل النجوم حين صدور الضوء الذي استغرق الكثير من الوقت حتى يصلك , بعض تلك النجوم مات وبعضها ربما اصبح اليوم عملاقا احمر في شيخوخة النجم المعتادة .
كما الذكريات , ترينا الضوء من الماضي , ذلك الضوء الذي نراه رغم انه ربما لم يعد موجوداً .
قبل ايام تم الكشف عن اول صورة حقيقية للثقب الاسود , ذلك الحدث الفلكي العظيم الذي يحصل عند موت نجم حجمه اضعاف حجم الشمس .
ويحدث داخلنا عند موت ذكرى كبيرة ايضا .
في البداية لموت النجم مراحل ولحجمه ايضا انواع , كل النجوم تموت لكن الصغير منها ينتهي ليخلف قزما ابيض حجمه صغير بحجم كوكب لكنه يشع بعض الضوء الابيض .
تماما كذكرى الاشخاص ( نجومنا ) الذين أثروا بحياتنا بشكل صغير يصغر حجمه بعد الفراق ويصبح ذلك الاثر قزما ابيض ذي كثافة عالية وحجم صغير في روحنا يشع بالضوء داخلنا بطريقة او بأخرى
اما بالنسبة لنجومنا الكبار , كما النجوم الكبيرة , موت ذكراهم يخلف ذلك الثقب الاسود , كتله قادرة على طي موجات الزامكان ( المكان والزمان ) بحيث تملك قوة جاذبية تستطيع جذب كل شي حتى اسرع سرعات الكون ( الضوء ) , حتى الضوء لا يمكن ان ينفذ من ذلك الثقب لا شيء قادر على تفادي ذلك .
انه كثقب الروح الذي يتشكل عند فقدان من نحب , ذلك الالم في الصدر , الخندق في القلب القادر على سحب تلك الانارة التي تحاول اختراقه .
يبقى في كون روحنا الى الابد تستمر الحياة , كما في الكون , الغبار الكوني يتجمع ويكون السديم والنجوم الجديدة والمجرات , لكن ذلك الثقب يبقى حتى النهاية .

heba_abualrub@yahoo.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. مبدعة دائماً ايتها الكاتبة .. متابع لكل كتاباتك وجميعها في غاية الروعة والدقة في التشبيه

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى