تمكين العقول / سهير جرادات

تمكين العقول
سهير جرادات

عند الحديث عن دور المرأة الأردنية وتمكينها ، أو التوقف عند نتائج التقارير العالمية حول مؤشرات الفجوة الجندرية ، التي تظهر عدم احراز الأردن أي تقدم في جسر الفجوة بين الجنسين ، وانه ما زالت تراوح مكانها وتحافظ على مكانتها في ذيل القائمة ، وأن تحسنها في مؤشر الفجوة طفيف ، بل طفيف جدا ..، وكلها تمر على المعنيين مرور الكرام !!

فموضوع تمكين المرأة، لا يتعدى أنه مجرد خبر على صفحات الجرائد ، وعلى أوسع تقدير يمكن أن يكون مدار حديث في المجالس الضيقة ، حتى لو طرح الموضوع بقوة ، فإن مناقشته تكون بخجل .. فينخفض الصوت عند طرح الحلول .. ومع كل الأسف ينتهي النقاش ، كما بدأ..ليس أكثر من متابعات لما نشر في وسائل الإعلام ، أو حديث يطوى بسرعة ، ويظل يراوح مكانه ، دون جدية في البحث عن الأسباب ، وبعيدا عن طرح الحلول.
من غير المعقول أن ننتظر تقارير دولية، لتعطينا مؤشرا الى حقيقة واقع المرأة الأردنية المؤلم !.. وتزيل الستار عن الأسباب التي أدت إلى تراجع تمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا ، والتي تعزى إلى ضعف القوانين ، ومدى حاجتنا إلى تعديلها ، متناسين مقدار تخلي الحكومات المتعاقبة عن دعم المرأة ، والسعى إلى تحييدها وتقليص دورها.

ما يثير الدهشة في هذه التقارير العالمية ،أنها تشير إلى اقتراب الأردن من إغلاق الفجوة في مجال الصحة والتحصيل العلمي ، ولكنه ما يزال متأخرا في مجال التمكين السياسي ، ويشهد تراجعا في الفرص الاقتصادية لانخفاض المشاركة في سوق العمل ، وهذا تفسيره يعود إلى الاهتمام في المجالات التي تعود بالفائدة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الرجل ، كالمجال الصحي لحاجة الرجل إلى الراحة النفسية داخل المنزل ، وإلى امرأة تتمتع بصحة جيدة تمكنها من أداء دورها برعاية شؤون المنزل والأبناء،وكذلك الاهتمام بالتحصيل العلمي للمرأة،الذي يعود بالمكتسبات والنفع المادي على جيب الرجل ، وإلا لوقف في وجهها، كما كان الأمر في السابق ، كما أن التغيير في المواقف يعود لازدياد الأعباء المالية وارتفاع مستوى المعيشة بصورة جعلت الرجل عاجزا عن توفير مستلزمات الحياة ، ولم يجد أمامه إلا فتح طريق التحصيل العلمي أمام المرأة؛ ليمكنها من دخول سوق العمل لتمد له يد المساعدة ، وبالتالي ينعكس ذلك على مستواه المعيشي.

للأسف عند الحديث عن تمكين المرأة ، لا بد لنا من أن نلتفت إلى الممارسات التي تتعرض لها من قبل الرجل عند تحقيق ذاتها، والتي تصل إلى حد قتل طموحها داخل ضلوعها، وتقييد يديها، بل تكسير تلك اليدين اللتين حملاه صغيرا ، وهدهدناه إلى أن كبر، تلك المرأة التي صبرت على جهله في الصغر وقلة حيلته ، وتعبت حتى علمته الخطوات الأولى في الحياة ،وما ان اشتد عوده حتى تنكر لها، ومشى على أحلامها ، ومارس قوته على من كان لها الفضل في منحه القوة، والاحترام بين الناس، وعلمته كيف تكون العزة بالنفس ، فهي الأنثى التي رافقته في مراحل حياته ، الأم ، والأخت والزوجة، والابنة .
إن الحقيقة التي نخفيها ونحاول الالتفاف عليها ، هي حاجتنا الفعلية لتمكين العقول الذكورية من القضية النسوية ، لنصل إلى منح المرأة الحرية وتمكينها، بعيدا عن الحروب التي يخوضها الرجل ضدها في السر والعلن ، وحتى تحرر يديها من قيده ، فهو من تربى على يديها إلى أن كبر، وتنكر لها وجردها من حقوقها ، وتطاول على آمالها ، ووقف أمام اي تعديل للقوانين التي يمكن أن تفتح آفاقا جديدة لها ، لتحقيق طموحاتها التي تتناسب مع طاقاتها وفكرها وعقلها .

مكنوا عقولكم ، حتى تتمكن النساء من تمكين أنفسهن ..
jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى