تقرير اللجنة الاستشارية للمشروع النووي الأردني 2017

تقرير اللجنة الاستشارية للمشروع النووي الأردني 2017
د. أيوب أبو دية

في نهاية العام المنصرم صدر تقرير عن اللجنة الاستشارية للمشروع النووي الأردني قمنا آنذاك بالرد عليه وهو محفوظ في الرابط الآتي وذلك كي يربط القارئ النابه بين التقريرين
https://sawaleif.com/تقرير-اللجنة-الاستشارية-للمشروع-النو-148252/

ويلاحظ في التقرير الجديد الذي أعدته المجموعة الاستشارية للبرنامج النووي الأردني ووزعته وكالة “بترا” ونشر في الرأي الأحد 17/12/2017، تأكيده على أهمية “أن تتكون مجموعة الطاقة النووية الأردنية “بشكل أولي” من مفاعلات طاقة نووية كبيرة مثبتة التكنولوجيا، ثم تدعم زيادة باستغلال مفاعلات الوحدات الصغيرة لتتلائم مع الطلب الأردني المتنامي على الطاقة”؛ فبعد أن استبشرنا خيراً في الأشهر الماضية بأن توجه الأردن سيكون نحو المفاعلات الصغيرة الأقل ضرراً وتكلفة وخطورة وأقل حاجة إلى المياه وأقل ضرراً بالشبكة الكهربائية الأردنية وأكثر انسجاماً مع تطور حاجة الأردن للكهرباء، ولكن هذا الاستبشار بالخير لم يدم طويلاً حيث يبدو أن الاستشارية ما زالت تصر على المفاعلات الكبيرة!
ويلاحظ التناقض بوضوح في هذا التقرير الجديد ايضا حيث جاء في موضع أخر بأن هذه المفاعلات “هي أحد الحلول للدول ذات الشبكات الكهربائية الصغيرة والدول التي لديها خبرة أقل في مجال الطاقة النووية …” فكيف يستوي هذا الكلام المقبول علمياً ودولياً مع التصريح بأن هناك مجموعة من المفاعلات الكبيرة سوف يتم البدء بها “بشكل أولي”؟
والخطير في هذا التقرير أيضاً أنه يعلن فصل مشروع تنقيب اليورانيوم عن مشروع إنشاء المحطات النووية، حيث أن المشروع النووي الأردني كان قد أعلن في البداية أنه سوف يتم تمويله من أرباح التعدين، فما الذي حدث؟ هل هذا دليل على عدم الجدوى الاقتصادية للتنقيب عن اليورانيوم؟ أليس هذا ما كنا نتحدث عنه بإسهاب منذ سنوات فيما أنفقت الملايين هباء منثوراً؟ وهل وجدت الاستشارية اليوم حلها في الهروب من هذا الالتزام نحو بناء مفاعلات نووية لن يتم تمويلها من تعدين اليورانيوم بل بالبحث عن مصادر للتمويل ترهق الأردنيين أكثر مما هو عليه حالنا اليوم؟
أما النقطة الأشد خطورة في التقرير فهي تطلع الاستشارية إلى خيار “تطوير مستودعات محلية أو إقليمية لحفظ الوقود المستهلك، مؤكداً أهمية استقلالية الجهة التنظيمية النووية” فهل يعقل أن تكون الجهة التنظيمية مستقلة من دون أن يشرف عليها أحد؟ ثم ألم نحذر أصلاً من هذه الخطوة، حيث أن هذا الكلام يعني أن النفايات النووية ستبقى في الأردن (وتحديداً بعد انسحاب الروس)، بل يعني هذا الكلام وبخاصة عند القول بحلول محلية أو إقليمية، أنه يمكننا أن نصبح مستودعاً للنفايات العالمية النووية أيضاً. فهل أصبح هذا جزءا من المشروع النووي الأردني الجديد أم أنه إضافة نوعية عليه، ربما لأسباب تمويلية؟
الواضح في هذا التقرير أنه لا الاستشارية ولا الهيئة غدت مهتمة بإشراك مؤسسات المجتمع المدني في القرار، والدليل على ذلك هو قولها: “… إشراك قطاعات أوسع من الأوساط الأكاديمية، المؤسسات الحكومية والجمهور العام …” وهذا يعني أن مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات البيئية واتحاد الجمعيات البيئية النوعي ليس له أي قيمة استشارية! أهكذا تبنى جسور الثقة بين أصحاب المشروع وبين مؤسسات المجتمع المدني التي نبهت هيئة الطاقة الذرية إلى الكثير من الأخطاء التي تم تدارك بعضها بمرور الوقت؟

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى